للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن طبرزد وحنبل وابن الحرستاني وغيرهم، وخرج له الدمياطي أربعين حديثاً عوالي. روى عنه الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد والدمياطي وأبو الحسين اليونيني وغيرهم. وتفقه على الإمام فخر الدين ابن عساكر، وقرأ الأصول والعربية، ودرس وأفتى وصنف، وبرع في المذهب، وبلغ رتبة الاجتهاد، وقصده الطلبة من البلاد، وتخرج به أئمة، وله الفتاوى السديدة (١) .

وكان ناسكاً ورعاً، أماراً بالمعروف نهاء عن المنكر، لا يخاف في الله لومة لائم؛ ولي خطابة دمشق بعد الدولعي، فلما تملك الصالح إسماعيل دمشق وأعطى الفرنج صفد والشقيف، نال ابن عبد السلام منه على المنبر وترك الدعاء له، فعزله وحبسه ثم أطلقه، فنزح إلى مصر، فلما قدمها تلقاه الصالح نجم الدين أيوب وبالغ في احترامه، واتفق موت قاضي القضاة شرف الدين ابن عين الدولة، فولي بدر الدين السنجاري قضاء القاهرة، وولي ابن عبد السلام قضاء مصر والوجه القبلي مع خطابة جامع مصر.

ثم إن معين الدين ابن الشيخ بنى بيتاً على سطح مسجد بمصر، وجعل فيه طبل خاناه معين الدين، فأنكر ذلك ابن عبد السلام، ومضى بجماعته وهدم البنيان، وعلم السلطان والوزير يغضبان، فأسقط عدالة الوزير، وعزل نفسه عن القضاء، فعظم ذلك على السلطان، وقيل له اعزله عن الخطابة وإلا شنع عليك على المنبر كما فعل في دمشق، فعزله فأقام في بيته يشغل الناس.

وكان مع شدته فيه حسن محاضرة (٢) بالنادرة والشعر، وكان يحضر السماع ويرقص ويتواجد. وأرسل إليه السلطان لما مرض وقال: عين مناصبك لمن تريد من أولادك، فقال: ما فيهم من يصلح، وهذه المدرسة الصالحية تصلح للقاضي تاج الدين، ففوضت إليه.

ولما مات شهد الظاهر جنازته والخلائق، رحمه الله.


(١) ص: الشديدة.
(٢) ص: محاظرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>