للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالوعظ إلى أن برز فيه، ثم لازم الخلوة والرياضة والسياحة والمجاهدة والسهر والمقام في الخراب والصحراء، وصحب الشيخ أحمد الدباس (١) وأخذ عنه علم الطريق، ثم إن الله أظهره للخلق وأوقع له القبول العظيم، وعقد المجلس سنة إحدى وعشرين وخمسمائة، وأظهر الله الحكمة على لسانه، ثم جلس في مدرسة أبي سعد للتدريس والفتوى سنة ثمان وعشرين، وصار يقصد بالزيارة، وصنف في الفروع والأصول، وله كلام على لسان أهل الطريق.

قال: طالبتني نفسي بشهوة، فكنت أضاجرها (٢) وأدخل في درب وأخرج إلى درب أطلب الصحراء، فبينما أنا أمشي إذ رأيت رقعة ملقاة فإذا فيها: ما للأقوياء والشهوات؟ إنما خلقت الشهوات للضعفاء يتقوون (٣) بها على طاعتي، فلما قرأتها خرجت تلك الشهوة من قلبي.

وقال: كنت أقتات بخرنوب الشوك وورق الخس من جانب النهر؛ وكان يقول: الخلق حجابك عن نفسك ونفسك حجاب عن ربك. ما دمت ترى الخلق لا ترى نفسك، وما دمت ترى نفسك لا ترى ربك؛ وكان يقول: الدنيا أشغال (٤) ، والآخرة أهوال، والعبد فيما بين الأشغال حتى يستقر قراره إما (٥) إلى جنة وإما إلى نار؛ وكان يقول: الأولياء عرائس الله، لا يطلع عليهم إلا ذا محرم؛ وكان يقول: فتشت الأعمال كلها فما وجدت فيها أفضل من إطعام الطعام، أود لو أن الدنيا بيدي فأطعمها الجياع.

وقال عبد الرزاق ولده: ولد لوالدي تسعة وأربعون ولداً (٦) سبعة وعشرون ذكراً والباقي إناث.


(١) سماه في مرآة الزمان حماد الدباس.
(٢) ابن رجب: أدافعها.
(٣) ص: يتقووا؛ وعند ابن رجب: ليتقووا.
(٤) ص: اشتغال.
(٥) سقطت من ص.
(٦) ص: سبع.

<<  <  ج: ص:  >  >>