للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خارج البستان، وإلا مهما كان طعام ذلك اليوم يحضره، فأحضر له ما اتفق حضوره له وقال: يا مولانا أنا ما أعلمتك بمجيئي، ولكن أنا مثل اليوم ضيفك، ولكن لا ألتقي هذه العمارة على هذه الصورة وشرع رتبها على ما أراد، وراح من عنده، فلم يشعر علاء الدين إلا بالمهندسين والصناع والفعول والمراكب قد أرست على زربيته بأنواع الأخشاب وآلات العمارة من الطوب وأفلاق النخل والجبس وكل ما يحتاج إليه، وأخذوا في هدم ذلك المكان وشرعوا في بنائه على ما قاله، ولم يأتي خمسة أيام إلا وقد تكمل ورخم وزخرف وفرغ منه، فلما كان قبل الميعاد بيوم جاء إليه مركب موسق بأنواع الغنم والإوز والدجاج الفائق والسكر والأرز وغيره وجميع ما يطبخ حتى المخافة والماعون الصيني والجبن ومن يقليه، فعمل الطعام الفايق المختلف، ومد السماط العظيم، ونزل كريم الدين ومعه من يختاره، فلما حضر مد السماط فأكل هو ومن معه، وأحضر أنواع الفاكهة والحلوى والمشروب. ولما فرغ من ذلك أحضر كريم الدين بقجة كبيرة، وأخرج منها ما يصلح للنساء من القماش الإسكندراني وغيره، وما يصلح لملبوس علاء الدين، وقال: هذه خمسة آلاف درهم يكسو بها مولانا عبيدة وجواره (١) على ما يراه، وهذا توقيع تصدق به مولانا السلطان على مولانا فيه زيادة معلوم دراهم وغلة وكسوة ولحم وجراية، ونزل ليركب، فنزل معه علاء الدين، فلما ركب وفارقه قال له: والله يا مولانا علاء الدين هذه الأشياء أفعلها طبعاً، وأنا لا أرجوك ولا أخافك، وكان قد صدق أخبار البرامكة.

ومن رياسته أنه كان إذا قال نعم فهي نعم وإذا قال لا فهي لا، وهذا تمام الرياسة. قدم من الثغر نوبة حريق القاهرة، ونسب إلى النصارى، فغوث به الغوغاء ورجموه، فغضب السلطان وقطع أيدي أربعة، ثم إنه مرض في ذلك العام الماضي قبل الواقعة، ولما عوفي زينت القاهرة وتزاحم الخلق واختنق رجل.


(١) كذا في ص ر، ولعل المقصود ((وجواريه)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>