تبريز في سنة تسع وثمانين وستمائة، وأخبرني قال: وردت بغداد صبياً، وأثبت فقيهاً بالمستنصرية شافعياً أيام المستنصر، واشتغلت بالمحاضرات والأدب والعربية وتجويد الخط، لكني اشتهرت بالخط، ولم أعرف بغيره في ذلك الوقت، ثم إن الخلافة وصلت إلى المستعصم فعمر خزانة كتب وأمر أن يختار لها كاتبان يكتبان ما يختاره، ولم يكن في ذلك الوقت أفضل من الشيخ زكي الدين وكنت دونه في الشهرة، فرتبنا في ذلك، ولم يعلم الخليفة أنني أحسن ضرب العود، وكان ببغداد مغنية تعرف بلحاظ فائقة الجمال تغني جيداً، فأحبها الخليفة وأجزل لها العطاء، فكثر خدامها وجواريها وأملاكها، فاتفق أن غنت يوماً بين يديه بلحن طيب غريب، فسألها عنه، فقالت: هذا لمعلمي صفي الدين، فقال: علي به، فأحضرت بين يديه وضربت بالعود فأعجبه، وأمرني بملازمة مجلسه، وأمر لي برزق وافر جزيل، غير ما كان ينعم به علي، وصرت أسفر بين يديه وأقضي للناس الحوائج، وكان لي مرتب في الديوان كل سنة خمسة آلاف دينار يكون عنها دراهم مبلغ ستين ألف درهم، وأحصل في قضاء أشغال الناس مثلها وأكثر. وحضرت بين يدي هولاكو وغنيته، فأضعف ما كان لي في أيام المستعصم، واتصلت بخدمة علاء الدين عطا ملك الجويني وأخيه شمس الدين ووليت في أيامها كتابة الإنشاء ببغداد، ورفعاني (١) إلى رتبة المنادمة وضاعفا علي الإنعام والإحسان، وبعد موت علاء الدين وقتل شمس الدين زالت سعادتي، وتقهقرت إلى ورا في رزقي وعمري وعيشي، وعلتني الديون، وصار لي أولاد وأولاد أولاد، وكبرت سني وعجزت عن السعي.
قال الشريف صفي الدين ابن الطقطقي: مات صفي الدين عبد المؤمن محبوساً على دين لمجد الدين غلام ابن الصباغ مبلغه ثلثمائة دينار، وكانت وفاته