للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلوا عليه خاشعين كأنهم ... وقوف (١) خضوع للسلام عليه ولما استتر عند ابن أبي عون التاجر دخل عليه يوماً فقام له، فقال له ابن أبي عون: يا سيدي اخبأ لي هذا القيام إلى وقت أنتفع به، فما كان إلا قليل حتى ولي الوزارة، فاستدعاه، فصار إليه وهو في مجلسه بخلعته والناس عنده، فقام إليه وعانقه وقال: هذا وقت ينتفع بقيامي، وأجلسه معه على طرف الدست، فما مضت ساعة حتى استدعاه المعتضد، فدخل عليه وغاب، ثم حضر وأخذ بيده إلى مكان خلوة وقال له: الخليفة طلبني بسببك، لأنه كوتب بخبرنا وأنكر علي وقال: تبذل مجلس الوزراء لتاجر، ولو كان ملك أو ولي عهد كان كثيراً، فقلت: يا أمير المؤمنين لم يذهب علي حق المجلس ولكن لي عذر، وأخبرته خبري معك فقال: أما الأن فقد عذرتك، ثم قال لي إني قد شهرتك شهرة أن لم يكن معك مائة ألف دينار معدة للنكبة هلكت، فيجب أن نحصلها لك لهذه الحالة فقط، ثم نحصل لك نعمة بعدها، ثم قال: هاتم فلاناً (٢) الكاتب، فجاء، فقال: أحضر الساعة التجار وسعر مائة ألف كر من غلات السلطان بالسواد عليهم، فخرج وعاد وقال: قد قررت معهم ذلك، فقال: بع على أبي عبد الله هذه الغلة بنقصان دينار مما (٣) قررت السعر مع التجار، وبعه له عليهم بالسعر الذي قررته معهم، وطالبهم الساعة بفضل ما بين السعرين، وأخرهم بالثمن إلى أن يتسلموا الغلال، واكتب إلى النواحي بتقبيضهم ذلك، فقام ابن أبي عون من المجلس وقد حصل له مائة ألف دينار، فقال له الوزير: اجعل هذه أصلاً لنعمتك، ولا يسألنك أحد من الخلق شيئاً إلا أخذت رقعته ووافقته على أجرة ذلك، وخاطبني فيه. وكان يعرض عليه في كل يوم ما يصل إليه بما فيه ألوف دنانير ويدخل في المكاسب الجليلة، وكان


(١) الديوان: قيام.
(٢) ص: فلان.
(٣) ص: بما.

<<  <  ج: ص:  >  >>