القاضي عماد الدين القرشي القحفازي، شيخ أهل دمشق في عصره خصوصاً في العربية؛ قرأ عليه الطلبة وانتفع به الجماعة، وله النظم والنثر والكتابة المليحة الفائقة، وله التنديب الحلو والنوادر الظريفة والحكايات المطبوعة.
سمعته يوماً يقول لمنصور الكتبي رحمه الله تعالى: يا شيخ منصور، هذا أوان الحجاج، اشتري لك منهم مائتي جراب وارميها خلف ظهرك إلى وقت موسمها تكسب فيها جملة، فقال: والله الذي يشتغل عليك في العلم يحفظ حرافاً قدره عشر مرات.
وأنشد يوماً للجماعة الذين يشتغلون عليه لغزاً وهو:
يا أيها الحير الذي ... علم العروض به امتزج
أبن لنا دائرة ... فيها بسيط وهزج ففكر الجماعة زماناً، فقال واحد منهم: هذه الساقية، فقال: دورت فيها زماناً حتى ظهرت لك، يريد أنه ثور يدور في الساقية.
وقيل إنه لما عمر الأمير سيف الدين تنكز، رحمه الله تعالى، الجامع الذي له بدمشق المحروسة عينوا له شخصاً من الحنفية يلقب بالكشك ليكون خطيباً، فلما كان يوماً وهو يمشي في الجامع أجروا له ذكر الشيخ نجم الدين القحفازي وذكر فضائله، وأنه في الحنفية مثل الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني في الشافعية، فأحضره وتحدثا، ثم قال له وهم في الجامع يمشون: إيش تقول في هذا الجامع، فقال: مليح وصحن مليح، ولكن ما يليق أن يكون فيه كشك؛ فأعجب ذلك الأمير سيف الدين تنكز ورسم له بخطابة الجامع المذكور، ثم بعد مدة رسم له بتدريس الركنية فباشرها مديدة ثم نزل عنها وقال: لها شرط لا أقوم به، ومعلومها في الشهر جملة، تركه تورعاً.
وكان يعرف الاسطرلاب جيداً ويحل التقاويم، وكان فريد عصره، وكان يشغل في مذهب الحنفي، وفي " مختصر ابن حاجب " وفي " الحاجبية " و " المقرب "