للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دينار فيمر الشهر وليس معه شيء، كان ينفق على أصحاب الحديث، وكان الخطيب والصولي (١) وغيرهما يبيتون عنده، وكان ثقة في الحديث متحفظاً (٢) في الشهادة، محتاطاً صدوقاً، وتقلد قضاء عدة نواح منه المدائن وأعمالها وأذربيجان والبردان وقرميسين.

وكان ظريفاً نبيلاً جيد النادرة، اجتاز يوماَ في بعض الدروب فسمع امرأة تقول لأخرى: كم عمر بنتك يا أختي؟ فقالت: رزقتها يوم صفع القاضي وضرب السياط، فرفع رأسه إليها وقال: يا بظراء صار صفعي تاريخك، ما وجدت تاريخاً غيره! !

وكان أعمش العينين لا تهدأ جفونه من الانخفاض والارتفاع والتغميض والانفتاح، وفيه يقول ابن بابك:

إذا التنوخي انتشى ... وغاص ثم انتعشا

أخفى عليه إن مشي ... ت وهو يخفى إن مشى

فلا أراه قلة ... ولا يراني عمشا ودفع إليه رجل رقعة وهو راكب، فلما فضها وجد فيها:

إن التنوخي به أبنة ... كأنه يسجد للفيش

له غلامان ينيكانه ... بعلة الترويح في الخيش فقال: ردوا زوج القحبة، فردوه فقال له: يا كشخان يا قرنان يا زوج ألف قحبة، هات زوجتك وأختك وأمك إلى داري وانظر ما يكون مني، وبعد ذلك احكم بما يكون مني، قفاه!! فصفعوه.

وكان يوماً نائماً، فاجتاز واحد غث وأزعجه مما يصيح: شراك النعال


(١) ر: والصوري.
(٢) ر: محتفظاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>