للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفقراء، وكان قائلاً بهم: يحسن إليهم ويحترمهم ويدر عليهم الصلات، وقد قصده غير واحد بالأذى فلم يجدوا ما يتعلقون به عليه، ووزر بعد الظاهر لابنه السعيد، وزادت رتبته، وله مدرسة وبر وأوقاف. ابتلي بفقد ولديه: فخر الدين ومحيي الدين فصبر وتجلد، وعاش أربعاً وسبعين سنة، وتوفي سنة سبع وسبعين وستمائة.

وحكي أن من جملة سعادته أول وزارته أنه نزل إلى دار الوزير الفائزي ليتبع ودائعه وذخائره، فوجد ورقة فيها أسماء من أودع عنده أمواله، فعرف الحاضرون كل من سمي في الورقة، وطلب وأخذ المال منه، وكان في جملة الأسماء مكتوب: الشيخ ركن الدين أربعون ألف دينار، فلم يعرف الحاضرون من هو الشيخ ركن الدين، ففكر الصاحب زماناً وقال: احفروا هذا الركن، وأشار إلى ركن الدار، فحفروه فوجدوا الذهب.

وكان ينتبه قبل الأذان للصبح، ويشرب قدحاً فيه ثماني أواق شراب بالمصري، ويأكل طيري دجاج مسلوقة، فإذا أذن صلى الصبح وركب إلى القلعة، وأقام طول نهاره لا يأكل شيئاً في المباشرة ويظن أنه صائم، وهو في الحقيقة صائم لا يحتاج إلى غداء مع ذلك الشراب والدجاج، وكان الملك الظاهر يعظمه ويدعوه يا أبي.

وحكي أن الأمراء الكبار اشتوروا فيما بينهم أنهم يخاطبون الملك الظاهر في عزل الصاحب بهاء الدين، وكانوا قد قرروا أن ابن بركة خان هو الذي يفتح الباب في ذلك، والأمراء يراسلونه، فبلغ السلطان ذلك، وكانوا قد عزموا على مخاطبته في بكرة ذلك النهار في الخدمة، فلما جاءوا ثاني يوم ادعى السلطان أنه أصبح به مغس منعه عن الجلوس للخدمة، فجلس الأمراء إلى أن تعالى النهار ثم خرج إليهم جمدار وقال لهم: باسم الله ادخلوا، فدخلوا يعودون السلطان، فوجدوه متقلق، فجلسوا عنده ساعة، فجاءه خادم وقال: خوند كان مولانا السلطان قد دفع إلي في وقت قعبة صيني

<<  <  ج: ص:  >  >>