فكل واد به موسى يفجره ... وكل روض على حافاته الخضر وقال:
يا غصن روض سقته أدمعي مطراً ... وليس لي منه لا ظل ولا ثمر
طال انتظاري لوعد لا وفاء له ... وإن صبرت فقد لا يصبر العمر وقال في جزيرة مصر (١) :
تأمل لحسن الصالحية إذ بدت ... وأبراجها مثل النجوم تلالا
ووافى إليها النيل من بعد غاية ... كما زار مشغوف يروم وصالا
وعانقها من فرط شوق محبها ... فمد يميناً نحوها وشمالا وقال:
إن للجبهة في قلبي هوى ... لم يكن عندي للوجه الجميل
يرقص الماء بها من طرب ... ويميل الغصن للظل الظليل
وتود الشمس لو باتت بها ... فلذا تصفر أوقات الأصيل وقال:
إذا الغصون غدت خفاقة العذب ... فاسجد هديت إلى الكاسات واقترب
وطارح الورق في أوراقها طرباً ... ومل إذا مالت الغصون من طرب
وانهض إلى أم أنس بنت دسكرة ... تجلى عليك بإكليل من الذهب
وانظر إلى زينة الدنيا وزخرفها ... في روضة رقمتها أنمل السحب
وللأزاهر أحداق محدقة ... قد كحلتها يمين الشمس بالذهب وقال أيضاً:
أسكان مصر جاور النيل أرضكم ... فأكسبكم تلك الحلاوة في الشعر
وكان بتلك الأرض سحر وما بقي ... سوى أثر يبدو على النظم والنثر
(١) النفح ٢: ٢٦٩.