(دليل آخر) إن الظلام لا يخلو إما أن يكون موجودا حقيقة أو لم يكن فإن كان وجوده وجودا حقيقيا فقد ساوى النور في الوجود وبطل الامتياز من كل وجه وكذلك ساواه في القدم والوجدة ثم الوجود من حيث هو موجود خير لا محالة فلم يكن الظلام شرا فبطل مذهبهم وإن لم يكن موجودا حقيقة فما ليس بموجود أو كيف يكون قديما وكيف يساوي ضده وكيف يحصل فيه امتزاج فكل ما ذكره باطل لا أصل له.
[(الباب الحادي عشر في الرد على البراهمة)]
وهم قوم في بلاد الهند منكرون إرسال الرسل ويقولون لا يجوز في العقل إرسال الانبياء الى الخلق ومنهم من قال كان آدم نبيا فقط وقال قوم إبراهيم صلوات الله عليه، وقيل من هذا سموا براهمة، ثم من العجب انهم يعبدون الأوثان ولا يأكلون اللحوم وأبو العلاء المعرّي لعنه الله كان منهم فنقول ان الدليل على جواز بعثة الرسل أن العقل يجوز ذلك فصانع العالم يعلم من مصالح عباده وما لهم في فعله من النفع وفي تركه من الضرر ما لا يعلمه أحد فيرسل الانبياء فيرشدونهم إلى مصالحهم فلا إستحالة في ذلك فمن قال إنه مستحيل فهو كافر معاند فإن المريض يحتاج إلى الطبيب