إعلم أنه لا يصلح للوزارة ولا يستأهل للرياسة إلا امرؤ راض نفسه وهذبها ومارس الأمور وجربها وخالط العلماء واقتبس منهم، وعرف غوائل الأمور وغور الأشياء، وأنصف من نفسه وانتصف ولم يعتسف، وعلم أنه إنما استوزر لأجل الرعية خاصة وما أريدت الرعية له كالراعي احتيج إليه لأجل الشباه وليست الشياه مطلوبة لأجل الراعي والطبيب مطلوب لأجل المريض والمريض ليس بمطلوب لأجل الطبيب، فالوزير استؤجر بثوابه جنة الفردوس يحفظ الإسلام والمسلمين كالراعي استؤجر يحفظ الأغنام، فهذا الرئيس استؤجر لأجل الأنام فالراعي إذا حفظ الشياه استحق الأجرة وإن ضيعها يؤخذ بالغرامة ويحبس في سجن الملامة كذلك الوزير والرئيس إذا حفظا المسلمين استحقا الأجرة ونالا السعادة وإن ضيعا خسرا الدنيا والآخرة. يقال له يا راعي السوء أكلت السمين وتركت الضعيف الهزيل لانتقمن منك، فمن أوصاف الوزير أن يكون عالما بالله تبارك وتعالى وبصفاته حتى يعرف الحق من الباطل ومنها أن يهذب أخلاقه حتى يهذب الرعية فمن لا يقدر على مصلحة نفسه كيف يصلح غيره، مثاله السراج إذا لم يكن مضيئا في نفسه لا