والسؤال وفراغ القلب. فالدقيقة في الباب أن حقيقة الدنيا ما هو حظ النفس في الحال ومجرد ذلك شهوة ونهمة لا تعلق له بالآخرة أصلا، وكل ما هو عمل الآخرة ومهمات أمرها كعلف الدابة في طريق الحاج. وإعداد الطعام لأجل الافطار، فليس من الدنيا لأن الله عز وجل بيّن الدنيا وبيّن حقيقتها في خمسة أشياء نص عليها في قوله تعالى: أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ
فكل ما هو من الآخرة فليس من الدنيا، وما هو لأجل الدنيا وحظ النفس فذلك للدنيا المذمومة فاحذرها فليس للآخرة والسلام.
[(الباب السادس في الزهد في الدنيا)]
إعلم أنّ الله عز وجل توعد على الرغبة في الدنيا بعظائم لم نجده أوعد في شيء غيره في قوله وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ
ثم قال فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
قال العلماء يعذبهم بجمعها وتزهق أنفسهم بحفظها وماتوا وهم كافرون بمنع الحق منها ثم أخبر الله تعالى أن فتنة الدنيا لا يعلمون حقيقتها حتى يتوسدوا في قبورهم على التراب كلّا سوف تعلمون في القبر؛ وقال ابن عباس في