أوّل ما أوحى الله إلى النبي صلّى الله عليه وسلم سورة اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ
فقد أمره بحق نفسه ثم أنزل عليه يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ
كأنه يقول أمرناك فوجدناك صادقا وألفيناك صالحا للرسالة فأنذر القوم وأخبرهم أن كل نفس بما كسبت رهينة، ان عمل خيرا فخير، ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، فلا جرم قال (أنا النذير والموت المغير) فبلغ رسالات الله ودعا الناس إلى دين الله في السر حتى آذوه وضربوه فقال في نفسه ان هؤلاء قوم كفرة تقلدوا دين آبائهم ولا ينظرون في المعجزة فأنزل الله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
فكان يبلغ سرا، فأمره الله أن يبلغ إليهم بالمجاهرة والمكاشفة، ثم عظمت بلية القوم وآذوا النبي صلّى الله عليه وسلم غاية الإيذاء فأنزل الله عز وجل معزيه ومسليه وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ
يعني أنا قادر أن أهلك جميع الكفار في ساعة واحدة كما فعلت بأهل انطاكية في زمن عيسى ولكن ترفق بهم فإن الاسلام بني على الرفق والكفر وضع على الخرق، فأول الاسلام دعوة ثم معجزة ثم اظهار ثم ضرب رقبة، فاصبر واحتمل وتجاوز عن خطاياهم، ثم أذن للمسلمين بالهجرة ومفارقة الاوطان الى