ويعتقد أن النجاة فيما يفعله والصلاح فيما هو بصدده وكل حزب بما لديهم فرحون وأنا أبين في هذا الكتاب جماع أنواع الغرور ومعالجاته بعون الله تعالى مرتبا على أبواب.
[(الباب الاول في غرور العلماء ويتبعه علاجه)]
قوم منهم يغترون بكثرة الرواية وحسن الحفظ مع تضييع واجب حقوق الله تعالى تخيل نفس أحدهم إليه أن مثله لا يعذب لانه من العلماء أئمة العباد الحافظين على المسلمين دينهم ويعتقد أن نجاة العباد متعلقة بشفاعته ولولاه لاختل نظام الاسلام وانقطع عرى اليقين وان مثله لا يتكبر ولا يحسد ولا يعجب وانما يفعل ذلك الجاهل فيقل خوفه وحذره من عذاب الله فلا يتهم نفسه بخلق دني فإذا لم يتهمها لم يتفقدها ولم يحذرها فتراه يغتاب ويهمز ويلمز ويتكبر على العباد ويسيء الظن بالمصائب وهو يرى أنه بريء من جميع ذلك ويظن أنه عند الله تعالى من الورعين وهيهات هيهات إنه من الممقوتين (علاج هذا المرض العظيم) وهو أن يعلم أن العلم حجة عليه وأن الله قد حمله ما أعظم به عليه حجته وشدد به يوم القيامة مسألته، فان ضيع العمل فلم يقم بواجب حق الله تعالى في ظاهره وباطنه فيكون أشد عذابا من الجاهل وانما آتاه الله العلم ليعمل به وينزجر عن الحرام