الحوادث وزوال النعمة، إنما حدث بسبب شؤم فعل الآدمي اما بترك الشكر وإما بارتكاب المعصية، ويجوز أن يكون معناه في الأغلب والأكثر فإن الانبياء والاولياء تصيبهم البلايا واللأواء ولا تكون لهم سيئة فارجعوا على أنفسكم باللوم والتوبيخ لكيلا تأسوا على ما فاتكم، يعني أعلموا أن العطية كانت مقدرة بالوقت الذي جاورتكم فيه ومن أعطى شيئا فلا ينله إلا في الوقت المعين، فلا ينبغي له إذا استرجع منه أن يحزن، ولا تفرحوا بما آتاكم أي لا تأشروا ولا تبطروا ولا تتكبروا على من لم يؤت مثل ما أوتيتم لانه عارية عندكم وليس بملك وان حقيقة الملك لله، وليس للمستعير أن يتبجّح بالعارية لانه لا يأمن في كل وقت أن يسترجعها منه صاحبها فيا معشر الفضلاء تفكروا ويا جمهور العقلاء تذكروا فجميع أنواع الدنيا وأملاكها من النفوس والاملاك والاموال والاولاد والجاه والحشمة كلها عوار مردودة فانتفعوا بها قبل أوان استرجاعها، وغير هذا قال العلماء الانبياء لا يورثون مالا وإنما يورثون الاقتداء بهم لانه لا مال لهم حقيقة بل كانت عوار فلما قبضوا استردت لصلابة يقينهم وجوز للأمة القسمة والتوارث لضعف يقينهم ومساس حاجتهم. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ