فتح الله على عباده النعم أباح الجمع بين الخليطين. وفي هذا يقوِل البابرتي (١) :
(النهي عن الجمع بين التمر والزبيب، كان في الابتداء في وقت كان بين المسلمين ضيق وشدة في أمر الطعام لئلا يجمع بين الطعامين، ويترك جاره جائعاً بل يأكل أحدهما، ويؤثر الآخر على جاره، ثم لما وسع الله على عباده النعم أباح الجمع بين النعمتين) .
حديث عائشة رضي الله عنها:
وقد تتبعت كثيراً من المطولات لدى الحنفية فلم أرهم يذكرون حديث عائشة رضي الله عنها للدلالة على النسخ وهو أنها قالت:
(كنا ننبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء، فنأخذ قبضة من تمر، وقبضة من زبيب
فنطرحهما، ثم نصب عليه الماء فننبذه غدوة فيشربه عشية، وننبذه عشية فيشربه غدوة) رواه ابن ماجه (٢) . ولعله لعدم معرفة تأخره عن أحاديث النهي عن الخليطين عدل الحنفية رحمهم الله تعالى عن ذكره ناسخاً والله أعلم.
مناقشة جواب الحنفية:
جواب الحنفية هذا يتضمن القول بنسخ أحاديث النهي، وهم لا يذكرون دليلاً عليه ناسخاً، والنسخ لا بد فيه من معرفة الدليل الناسخ، المكتمل لشروطه
من ثبوت التأخر للناسخ، وقيام التعارض بين الدليلين مع عدم إمكان الجمع وهذا ما لم يثبت هنا.
فظهر إذا أن قول الحنفية بإباحة الخليطين مطلقاً، لا تنهض أدلته على مقاومة
أحاديث. النهي.
(١) انظر: العناية شرح الهداية ٩/٣٣ - بحاشية شرح فتح القدير لابن الهمام. (٢) انظر: سنن ابن ماجه ٢/١١٢٦. وانظر: نيل الأوطار ٨/١٩٣.