للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا اشتد نكير الأئمة على مذهب الحنفية فقال النووي (١) :

(وأنكر عليه- أي على أبي حنيفة- الجمهور، وقالو منابذة لصاحب الشرع فقد ثبتت الأحاديث الصحيحة في النهي عنه، فإن لم يكن حراماً كان مكروهاً) . وقال ابن حجر (٢) :

(وشذ من قال: لا بأس به) .

الترجيح:

هذه هي أقوال العلماء في هذه المسألة. وهذه عمدتهم في الأدلة لها. والمناظر

يرى تجاذباً شديداً بين النهي والإباحة. ذلك أن أحاديث النهي صحيحة صريحة في النهي عن الخليطين. وحديث عائشة صحيح صريح في شرب النبي صلى الله عليه وسلم للخليطين وأنه كان يصنع له في بيته صلى الله عليه وسلم. وهما في المنزلة كما ترى وإن كانت أحاديث النهي أكثر وأشهر وقد اتفق على روايتها الشيخان البخاري ومسلم. إلا أن حديث عائشة رضي الله عنها خارج مخرج الصحيح وهو صريح في الإباحة لفعله صلى الله عليه وسلم فما بقي إذا من وجوه دفع التعارض في الظاهر إلا اللجوء إلى الجمع أو النسخ. والنسخ هنا غير وارد للجهل بتاريخ المتقدم من المتأخر فيهما. فما هو المسلك السليم إذا في الجمع بين أدلة النهي والإباحة؟.

وللانفصال بالجواب عن هذا أقول:

ليعم أولاً أن مناط التحريم هو السكر باتفاق الأئمة (٣) . فإذا صار الشراب من الخليطين فيه إسكار فإنه حرام باتفاق الأئمة كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى (٤) .


(١) انظر: شرح مسلم ١٣/١٥٤.
(٢) انظر: فتح الباري ١٠/٦٩.
(٣) انظر: مجموع فتاوى بن تيمية ٣٤/٢٠١.
(٤) انظر: المرجع السابق.

<<  <   >  >>