للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأشاعرة لهم قولان ضعيفان (١) وقد ناقشهما شيخ الإسلام وبين ضعفهما: ومن ردوده على من قال منهم: إن الاسم هو المسمى قوله: "قلت لو اقتصروا على أن أسماء الشيء إذا ذكرت في الكلام فالمراد بها المسميات- كما ذكروه في قوله "يَا يَحْيَى" [مريم: ١٢] ونحو ذلك- لكان ذلك معنى واضحا، لا ينازعه فيه من فهمه، لكن لم يقتصروا على ذلك، ولهذا أنكر قولهم جمهور الناس من أهل السنة وغيرهم لما في قولهم من الأقوال الباطلة، مثل دعواهم أن لفظ اسم الذي هو (أ، س، م) معناه ذات الشيء ونفسه، وأن الأسماء- التي هى الأسماء- مثل زيد وعمرو هى التسميات، ليست هي أسماء المسميات، وكلاهما باطل مخالف لما يعلمه جميع الناس من جميع الأمم ولما يقولونه ... وأيضا فهم تكلفوا هذا التكليف ليقولوا: إن اسم الله غير مخلوق، ومرادهم أن الله غير مخلوق وهذا مما لا تنازع فيه الجهمية والمعتزلة؛ فإن أولئك ما قالوا الأسماء مخلوقة إلا لما قال هؤلاء هي المسميات. فوافقوا الجهمية والمعتزلة في المعنى، ووافقوا أهل السنة في اللفظ، ولكن أرادوا به ما لم يسبقهم أحد إلى القول به من أن لفظ اسم وهو (ألف، سين، ميم) معناه إذا أطلق هو الذات المسماة، بل معنى هذا اللفظ هى الأقوال التي هى أسماء الأشياء، مثل زيد وعمرو، وعالم وجاهل، فلفظ الاسم لا يدل على أن هذه الأسماء هى مسماة ... (٢) " إلى آخر مناقشته لهم.

ثم ذكر أن أهل القول الثاني من الأشاعرة- الذي قسموا الأسماء إلى ثلاثة أقسام- " غلطوا من وجه آخر؛ فإنه إذا سلم لهم أن المراد بالاسم الذي هو (ألف، سين، ميم) هو مسمى الأسماء فاسمه الخالق هو الرب الخالق نفسه، ليس هو المخلوقات المنفصلة عنه، واسمه العليم هو الرب العليم، الذي العلم صفة له، فليس العلم هو المسمى، بل المسمى هو العليم، فكان الواجب أن يقال على أصلهم: الاسم هنا هو المسمى وصفته، وفي الخالق الاسم هو المسمى وفعله،


(١) نسب ابن فورك في المجرد إلى الأشعري أنه يقول: أن الاسم غير المسمى، مع مخالفته ورده على الجهمية، انظر: المجرد (ص: ٣٨-٣٩) .
(٢) قاعدة في الاسم والمسمى- مجموع الفتاوى (٦/١٩١-١٩٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>