للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه أهم أوجه الرد، وهناك ردود أخرى متجهة إلى نفس تقسيمهم للمتقابلات وبيان أنه متداخل وغير حاصر (١) .

وبذلك يتبين صحة هذا الدليل على إثبات الصفات، وأن الله لو لم يتصف بالسمع والبصر لا تصف بضدها، كما يتبين تهافت شبهة هؤلاء وبطلانها، وأن الآمدى وغيره كانوا قاصري الفهم حين ظنوا صحة هذه الشبهة.

المسألة السادسة: هل الصفة هي الموصوف أو غيره؟:

هذه المسألة شبيهة بمسألة: هل الاسم هو المسمى أو غيره، وكل ذلك من الألفاظ المجملة التي كان للسلف - رحمهم الله - فيها موقف واضح محدد، وهو أنه لا ينبغي إطلاق النفي ولا الإثبات، بل لا بد من الاستفصال.

والمهم هنا قبل عرض الخلاف في ذلك وبيان الراجح، توضيح منشأ بحث هذه المسألة، أي مسألة هل الصفة هي الموصوف أو غيره، والتي يعبر عنها أحيانا بالقول: هل الصفات هي الذات أو غيرها، والذي يظهر أن ذلك نشأن من خلال ردود أهل الكلام على النصاري:

أفالنصارى قالوا: إن كلمة الله التي بها خلق كل شيء تجسدت بإنسان، فكان من ردود أهل الإسلام عليهم - لبيان باطلهم - أن بينوا تهافت قولهم: إن كلمة الله بها خلق كل شيء، لأن الخالق هو الله، وهو خلق الأشياء بقوله "كن" وهو كلامه، فالخالق لم يخلق به الأشياء، فالكلام الذي به خلقت الأشياء ليس هو الخالق لها، بل به خلق الأشياء، فضلال هؤلاء أنهم جعلوا الكلمة هي الخالق. والكلمة مجرد الصفة، والصفة ليست خالقة، وإن كانت الصفة مع الموصوف فهذا هو الخالق، ليس هو المخلوق به، والفرق بين الخالق للسموات والأرض والكلمة التي بها خلقت السموات والأرض أمر ظاهر معروف، كالفرق بين القدرة والقادر ... (٢) فهؤلاء النصارى جعلوا الصفة غير الموصوف، وجعلوها خالقة، بل جعلوها حلت في أحد المخلوقات.


(١) انظر التدمرية (ص: ١٥٤-١٥٩) - المحققة -.
(٢) انظر: الجواب الصحيح (٢/٢٦٦، ٢٩٢، ٣/٥٤-٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>