للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب وكان من آثار مناقشة أهل الكلام - وخاصة المعتزلة - للنصارى أن تطرقوا لهذا الموضوع كثيرا، فنشأت شبهة تعدد القدماء، وأن إثبات صفة لله يلزم منه أن تكون قديمة، وإذا كانت غير الموصوف لزم تعدد القدماء، فظنوا - أي المعتزلة - أن تحقيق التوحيد، والخلوص من شرك النصارى لا يتم إلا بنفي جميع الصفات عن الله تعالى وبنوا ذلك على:

- أن الصفة غير الموصوف، وغير الذات.

- وأن الصفة لله لا بد أن تكون قديمة.

والنتيجة أن إثبات الصفات لله يلزم منه تعدد القدماء، وهو باطل (١) .

والعجيب أن هؤلاء المعتزلة - وهم أرباب الكلام والبحث في المعقولات - لم تستوعب عقولهم أن الذات لا يمكن أن تنفك عن صفاتها، ومن ثم فلا شبهة ولا تعدد.

ج- فلما جاءت الأشعرية وغيرهم اهتموما ببحث هذه المسألة، وصاروا يستخدمون عبارات معينة عن بيان قدم الذات والصفات، كأن يقولوا: الرب قديم، وصفته قديمة، ولا يقولون: الرب وصفاته قديمان لما في العطف والتثنية من الإشعار بالتغاير، أو يقولون: الرب بصفاته قديم، وهكذا. كما بينوا أن الصفات لا يقال هي الذات ولا غيره، حذرا من هذه الشبهة التي وقع فيها المعتزلة.

وخلاصة الأقوال في الصفة هل هي الموصوف أو غيره هي:

١- قول من يقول: الصفة غير الموصوف، أو الصفات غير الذات، وهذا قول المعتزلة والكرامية، والمعتزلة تنفي الصفات، والكرامية تثبتها (٢) .


(١) انظر: تفصيل مذهب المعتزلة في المحيط بالتكليف (ص: ١٧٧) وما بعدها، ط مصر، وشرح الأصول الخمسة (ص: ١٩٥-١٩٧) ، والمختصر في أصول الدين (١/١٨٢-١٨٣) ضمن رسائل العدل والتوحيد.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٣/٣٣٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>