للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- قول من يفرق بين الأمرين، ولا يجمع بينهما،فيقول: أنا أقول مفرقا: أن الصفة ليست هي الموصوف وأقول:إنها ليست غير الموصوف ولكن لا أجمع بين السلبين فأقول: ليست الموصوف ولا غيره، لأن الجمع بين النفي فيه من الإيهام ما ليس في التفريق، وهذا قول أبي الحسن الأشعري، الذي يقول على هذا: الموصوف قديم، والصفة قديمة، ولا يقول عند الجمع: قديمان، كما لا يقال عند الجمع: لا هو الموصوف ولا غيره (١) .

٣- جاء بعد الأشعري من الأشاعرة من يجوز الجمع بين السلبين، وصاروا يقولون: ليست الصفة هي الموصوف ولا غيره، كما صاروا يجوزون إطلاق القول بإثبات قديمين، وصار هؤلاء يردون على المعتزلة الذين قالوا لهم يلزم من ذلك إثبات قديمين بعد ردود منها "أن كونهما قديمين لا يوجب تماثلهما كالسواد والبياض اشتركا في كونهما مخالفين للجوهر، ومع هذا لا يجب تماثلهما وأنه ليس معنى القديم معنى الإله ... ولأن النبي محدث وصفاته محدثة، وليس إذا كان الموصوف نبيا وجب أن يكون صفاته أنبياء لكونهما محدثة، كذلك لا يجب إذا كانت الصفات قديمة والموصوف بها قديما أن تكون آلهة لكونهما قديمة" (٢) ، وهذا قول الباقلاني (٣) ، والقاضي أبي يعلى (٤) .

٤- أن هذا الكلام فيه إجمال، وأن لفظ "الغير" فيه إجمال، ومن ثم فلا بد من التفصيل، وهؤلاء لا يقولون عن الصفة: إنها الموصوف ولا يقولون: إنها غيره، ولا يقولون: ليست هي الموصوف ولا غيره. ويلاحظ أن المقصود ليست إثبات قول ثالث كما هو قول الباقلاني والقاضي أبي يعلى الذين قالوا ليست الصفة هي الموصوف ولا غيره - فإن هذا قول ثالث، بل المقصود


(١) انظر: الرسائل إلى أهل الثفر (ص: ٧٠-٧١) [وقد نسب إليه ابن فورك في المجرد ص: ٣٨، أنه يقول: لا يقال لصفاته هي هو ولا غيره] وانظر أيضاً: الرسالة الأكملية - مجموع الفتاوى (٦/٩٦) ، وجواب أهل العلم والإيمان - مجموع الفتاوى (١٧/١٦٠) ، ودرء التعارض (٥/٤٩) .
(٢) درء التعارض (٥/٥٠) ، وقارن بالتدمرية (ص: ١١٨) - المحققة -.
(٣) انظر التمهيد (ص: ٢٠٦-٢٠٧، ٢١٠-٢١٢) ، ورسالة الحرة [المطبوعة باسم الإنصاف] (ص: ٣٨) .
(٤) انظر: المعتمد (ص:٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>