للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعالم، وعقل، وعاقل، ومعقول، وفاعل، وخالق، ومريد، وقادر، وحي، وعاشق، ومعشوق، ولذيذ، ومتلذذ، وجواد، وخير محض، فزعموا أن كل ذلك عبارة عن معنى واحد، لا كثرة فيه وهذا من العجائب" (١) .

وقال أيضاً: "وبم عرفتم استحالة الكثرة من هذا الوجه، وأنتم مخالفون من كافة المسلمين سوى المعتزلة، فما البرهان عليه؟ فإن قول القائل: الكثرة محالة في واجب الوجود، مع كون الذات الموصوفة واحدة، يرجع إلى أنه تستحيل كثرة الصفات، وفيه النزاع، وليست استحالة معلومة بالضرورة، فلا بد من البرهان" (٢) . وانظر بقية كلام الغزالي، وتعليق شيخ الإسلام عليه (٣) .

ولما ذكر الغزالي حجة الفلاسفة في نفي التركيب وأنهم قالوا: "إذا أثبتم ذاتا وصفة، وحلولا للصفة بالذات فهو تركيب، وكل تركيب يحتاج إلى مركب؛ ولذلك لم يجز أن يكون الأول حسما لأنه مركب" - قال الغزالي -: "قلنا: قول القائل: كل تركيب يحتاج إلى مركب، كقوله: كل موجود يحتاج إلى موجد - فيقال له: الأول موجود قديم، لا علة له ولا موجد، فكذلك يقال: هو موصوف قديم، العلة لذاته ولا صفاته، ولا لقيام صفته بذاته ... " (٤) ، وقد اعترض ابن رشد على كلام الغزالي في تهافت التهافت ونقله شيخ الإسلام ورد على ابن رشد وانتصر لأبي حامد في رده على الفلاسفة (٥) ، ثم قال مخاطبا ابن رشد: "وهذه الطريق هي التي سلكها أبو حامد في مناظرته إخوانك، وهي طريق صحيحة، وقد تبين أن ما ذكره أبو حامد عن احتجاجهم بلفظ "المركب" جواب صحيح" (٦) .

وهذه الحجة التي ردها الغزالي وهي أن المركب لا بد له من مركب هي حجة متأخرى الأشعرية على ما نفوه من الصفات والعلو.


(١) تهافت الفلاسفة (ص: ١٦٤) - ت دنيا. ط الرابعة، والنص في درء التعارض (٣/٣٩٠-٣٩١) .
(٢) تهافت الفلاسفة (ص: ١٧٢) ، ط الرابعة، وانظر درء التعارض (٣/٣٩١) .
(٣) انظر: درء التعارض (٣/٣٩٢) وما بعدها.
(٤) تهافت الفلاسفة (ص: ١٧٦) ، وانظر: درء التعارض (٣/٣٩٩) .
(٥) انظر: درء التعارض (٣/٣٩٩-٤٣٧) ، وقارن بتهافت التهافت لابن رشد (٢/٥١٦-٥١٩) .
(٦) درء التعارض (٣/٤٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>