للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يكون موجودا إلا بها، فكان يمكنهم أن يقولوا: لم لا يجوز أن يكون المجموع الواجب، أو المركب الواجب، أو الجملة الواجبة، واجبة بوجوب كل جزء من أجزائها، التي هي واجبة بنفسها لا تقبل العدم؟. وكان هذا خيراً من أن يقولوا: لم لا يجوز أن يكون المجموع، الذي كل من أجزائه ممكن بنفسه هو واجبا بنفسه، أو واجبا بأجزائه؟.

وهذا الآمدى - مع أنه من أفضل من تكلم من أبناء جنسه في هذه الأمور، وأعرفهم بالكلام والفلسفة - اضطرب وعجز عن الجواب عن هذه الشبهة الداحضة القادحة في إثبات واجب الوجود، وهو دائما يحتج بنظيرها الذي هو أضعف منها على نفي العلو وغيره من الأمور الثابتة بالشرع والعقل، ويقول: إن ذلك يستلزم التجسيم، وإن المخالفين في الجسم جهال.

ولو أعطى النظر حقه لعلم إن الجهل المركب، فضلا عن البسيط أجدر بمن سلنك مثل تلك الطريق" (١) .

د كما أن الآمدي تناقض مرة أخرى في مسألة الوجود والماهية، حيث "جوز أن يكون الوجود الواجب مفتقرا إلى الماهية، وذكر أن الواجب بنفسه هو الذي لا يفتقر إلى المؤثر، ليس هو الذي لا يفتقر إلى الغير، وإن كونه ممكنا - بمعنى افتقاره إلى الغير لا إلى المؤثر - هو الإمكان الذي يوصف به الوجود الواجب المفتقر إلى الماهية".

قال شيخ الإسلام: "وهذا الذي قاله هو بعينه يقال له فيما ذكره هنا [أي في نفي الجسم بناء على نفي التركيب] حيث قال: "إن المجموع مفتقر إلى كل أجزائه، والمفتقر إلى الغي لا يكون واجبا بنفسه لأنه ممكن" (٢) .

وكذلك تناقض في حجته الثانية على التركيب، وقد أشار إلى ذلك شيخ الإسلام (٣) ، وكان من تناقضه أيضاً أنه في مسألة دليل حدوث العالم الذي


(١) انظر: درء التعارض (٤/٢٣٣-٢٣٥) .
(٢) انظر: المصدر السابق (٤/٢٣٩) .
(٣) انظر: المصدر نفسه (٤/٢٤٥-٢٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>