للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والناس متفقون على أنهم لم يروا موجودا إلا له قدر وصفة، وليسوا متفقين على أن كل ما رأوه يمكن وجوده على خلاف صفاته وقدره" (١) .

ويلاحظ هنا أن قود مقالتهم هذه في إنكار القدر يؤدي إما إلى إنكار الخالق، أو إنكار أي صفة له، وملاحدة الصوفية الذين قالوا بوحدة الوجود إنما قالوا بذلك لما رأوا تناقض هؤلاء، مثل قولهم: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه، وإنكار علو الله وبينونته عن خلقه.

وقولهم في "القدر" معارض بالحقائق في نفسها وصفاتها اللازمة لها، "فإن يمكن أ، يقال: كل موجود له حقيقة تخصه يمتاز بها عن غيره، فاختصاص ذلك الموجود بتلك الحقيقة دون غيرها من الحقائق يفتقر إلى مخصص. ويقال أيضا: كل موجود له صفات لازمة تخصه فاختصاصه بتلك الصفات دون غيرها يفتقر إلى مخصص" (٢) .

٤- أن قولهم هذا يلزم في إثبات واجب الوجود، لأنه إذا كان من المعلوم بضرورة العقل واتفاق العقلاء أن هناك:

- واجب الوجود بنفسه، قديم أزلي.

- وممكن الوجود، محدث.

فإنه كان كلاهما موجودا، وواجب الوجود يختص بما لا يشركه فيه غيره، بل له ذات وحقيقة تخصه لا يشركه فيها غيره، فعلى قاعدة هؤلاء أن كل مختص يفتقر إلى مخصص مباين له - يلزم أن يقال هذا في واجب الوجود، ويقال: اختصاص واجب الوجود بما اختص به لا بد له من مخصص. فيلزم تعطيل وجود الخالق وأن تكون الموجودات كلها ممكنة. وهذا ظاهر الفساد ضرورة (٣) .

"وبالجملة اختصاص الشيء بما هو عليه من خصائصه، كاختصاصه بنفسه ووجوده، وصفاته كلها، لازمها وعارضها، فقول القائل: كل مختص


(١) انظر: درء التعارض (٣/٣٥٩-٣٦٠) .
(٢) انظر: المصدر الاسبق (٣/٣٦٠) .
(٣) انظر: المصدر نفسه (٣/٣٦٠-٣٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>