للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حيث الجملة (١) ، وتصدي لأقاويل كثير من الفرق ولم يترك مجالا من مجالات الفكر الإسلامي إلا وكان له فيه قصب السبق، وكان مما أدلى فيه بدلوه موضوع المجاز، فاختار مذهب المنع ... ومن يقرأ كتابه: "الإيمان" يجد نفسه أمام صخرة عاتية، لا تعمل فيها المعاول إذا أريد النيل منها ... " (٢) .

وعلى الرغم من أن المؤلف رد على شيخ الإسلام واشتد في الرد أحيانا إلا أنه ذكر السبب الصحيح لموقف شيخ الإسلام من المجاز، فقال "إن الضرورات والظروف التي جعلت الإمام يقف تلك الوقفة من المجاز في كتابه الإيمان، وفي رسالته المدنية، هي في الواقع ظروف جد خطيرة ومن يقف على خطورتها يسوغ للشيخ الإمام وقوفه ضدها، والعمل بكل طاقة على دفعها وكف شرها، ولو أدى ذلك إلى إنكار المجاز، إذ ليس هو عقيدة أو معلوما من الدين بالضرورة، وإنما هو مذهب قولي، وهو فن من فنون البيان لا يفسق منكره ولا يذم.

ومجمل ما يمكن تصوره هو كثرة التأويلات التي تعدى بها قائلوها على النصوص الشرعية، وتجاوزوا بها مرحلة المعقول المقبول، إلى المدخول المنحول، الذي يكاد يذهب بكل الحقائق التي جاء بها الإسلام وأقرها. فلم تكن المسألة مسألة تأويل مجازي، وإلا لهان الخطب، وإنما طم شرها وعم، وأغرب قائلوها كل الإغراب، حتى صارت بعض الألفاظ ليس لها مدلول محقق في خضم تلك التأويلات العمياء.

ومنشأ تلك التأويلات هو الفرق الكلامية والاعتقادية، والفلاسفة، وغلاة الصوفية، وقد وقف الإمام -رحمه الله- من تحريفات الفرق والمتكلمين وقفات جادة وطويلة وشاقة ... " (٣) .

ولا شك أن شيخ الإسلام ما كان ليعترض على المجاز أو غيره من العلوم الحادثة لو أنها بقيت مثل كثير من العلوم والفنون التي أفردت بمؤلفات خاصة بها


(١) هذا بحسب رأي المؤلف، لا بحسب الواقع.
(٢) المجاز في اللغة والقرآن الكريم - المطعمني (١/ح - ط) .
(٣) المجاز في اللغة والقرآن الكريم (٢/٨٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>