للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي أحاديث الوعيد مثل قوله: "من غشنا فليس منا" (١) وأحاديث الفضائل (٢) ، ومقصوده بذلك أن الحديث لا يحرف كلمة عن مواضعه كما يفعله من يحرفه، ويسمى تحريفه تأويلا بالعرف المتأخر" (٣) .

وهذا يدل على أن السلف كانوا يتعاملون مع النصوص على حد سواء لا يفرقون بين نصوص الصفات وغيرها، وحينما يأتي أحد من أهل الأهواء من المعطلة، أو الرافضة، أو المرجئة أو غيرهم يتأول بعض النصوص التي تخالف مذهبه، يكون جواب السلف أن هذه النصوص تروي كما جاءت، ولا يدخلون في تأويلات وانحرافات هؤلاء.

٢- أما قول الإمام مالك في الاستواء فهو موافق لمذهب السلف - رحمهم الله تعالى، وهو حجة على أهل التفويض، يقول شيخ الإسلام: "فقول ربيعة ومالك: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، موافق لقول الباقين: أمروها كما جاءت بلا كيف، فإنما نفوا علم الكيفية، ولم ينفوا حقيقة الصفة، ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه - على ما يليق بالله - لما قالوا: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ولما قالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف؛ فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوما، بل مجهولا بمنزلة حروف المعجم.

وأيضاً: فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى، وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات.

وأيضاً: فإن من ينفي الصفات الخبرية - أو الصفات مطلقا - لا يحتاج إلى أن يقول: "بلا كيف"، فمن قال: إن الله ليس على العرش لا يحتاج


(١) انظر قول الإمام أحمد لما سئل عن هذا الحديث ما وجهه؟ قال: "لا أدري إلا على ما روى. السنة للخلال - رقم (٩٩٩) (ص:٦٧٤) - ط على الآلة الكاتبة. وحديث: من غشنا فليس منا، رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - من غشنا فليس منا، ورقمه (١٠١-١٠٢) .
(٢) لما سئل الإمام أحمد عن أحاديث جاءت في علي في الفضائل. قال: على ما جاءت، لا نقول في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا خيرا. مسائل ابن هاني (٢/١٦٩) - رقم (١٩٣) .
(٣) الأكليل في المتشابه والتأويل - مجموع الفتاوى (١٣/٢٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>