للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعظم، ودلالته أتم. فلأي شيء نفيت مدلوله، أو توقفت، وأعدت هذه الصفات كلها إلا الإرادة، مع أن النصوص لم تفرق؟ فلا يذكر حجة إلا عورض بمثلها في إثباته الإرادة زيادة على الفعل" (١) .

ثم ذكر شيخ الإسلام نموذجاً لما يمكن أن يكون من مناقشة بين الأشعرين والجهمي المعتزلي الذي ينكر صفة الإرادة فقال:

"الثالث: يقل له [أي للأشعري] (٢) إذا قال الجهمي [والمعتزلي] : الإرادة لا معنى لها إلا عدم الإكراه، أو نفس الفعل والأمر به، وزعم أن إثبات إرادة تقتضي محذورا - إن قال بقدمها، ومحذورا إن قال بحدوثها (٣) ...

كان جوابه [أي جواب الأشعري للمعتزلي الجهمي] : أن ما ادعى إحالته من ثبوت الصفات ليس بمحال، والنص قد دل عليها، والعقل أيضا. فإذا أخذ الخصم [أي المعتزلي] ينازع في دلالة النص أو العقل جعله مسفسطا أو مقرمطا [أي حكم الأشعري على المعتزلي بذلك] . [فيقول أهل السنة للأشعري:] وهذا بعينه موجود في الرحمة، والمحبة، ... " (٤) .

وقد أكمل شيخ الإسلام المناقشة لبيان بطلان مذهب المعتزلة والجهمية وغيرهم، ثم ذكر كلاما مجملا مهما، فقال:

"ونكتة هذا الكلام: أن غالب من نفي وأثبت شيئا مما دل عليه الكتاب والسنة، لابد أن يثبت الشيء لقيام المقتضي وانتفاء المانع، وينفي الشيء لوجود المانع، أو لعدم المقتضى، أو يتوقف إذا لم يكن له عنده مقتض ولا مانع:

فبين له أن المقتضى فيما نفاه قائم، كما أنه فيما أثبته قائم، إما من كل وجه، أو من وجه يجب به الإثبات، فإن كان المقتضى هناك حقا فكذلك هنا،


(١) الأكليل في المتشابه والتأويل - مجموع الفتاوى (١٣/٢٩٨-٣٠٠) .
(٢) ما بين المعكوفتين زيادة مني لتوضيح الكلام.
(٣) أي المعتزلي، لأن القول بقدم الصفة - كالإرادة - يلزم منه تعدد القدماء، والقول بحدوثها يلزم منه حلول الحوادث، وكلاهما ممتنع عندهم، انظر الأكليل - مجموع الفتاوى (١٣/٣٠٠) .
(٤) الأكليل في المتشابه والتأويل - مجموع الفتاوى (١٣/٣٠٠-٣٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>