للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تقوم إلا بغيرها، سواء سميت صفاتا أو أعراضا، أو غير ذلك، قالوا: ونحن لا نعقل قيام المعنى إلا بجسم، فإثبات معنى يقوم بغير جسم غير معقول" (١) .

هذه خلاصة شبهة واستدلال نفاة جميع الصفات، دون تفريق بين صفات المعاني وغيرها.

وحينئذ فإن الأشعري سيد عليهم بإثباتهم لأسماء الله وعدم استلزامها للتجسيم، فكذلك هذه الصفات التي أثبتها. فهو يقولك "بل هذه المعاني يمكن قيامها بغير جسم، ما أن عندنا وعندكم إثبات عالم، قادر، ليس بجسم" (٢) .

وهذا جواب صحيح، ولذلك فالمثبت لجميع الصفات الواردة سيقول للأشعري معلقا على جوابه السابق لنفاة جميع الصفات: "الرضا، الغضب، والوجه، واليد، والاستواء والمجيء [وغيرها كذلك] (٣) ، فأثبتوا هذه الصفات أيضا، وقولوا: إنها تقوم بغير جسم" (٤) .

وحينئذ سيعترض الأشاعرة قائلين: "لا يعقل رضا وغضب إلا ما يقوم بقلب هو جسم، ولا نعقل وجها ويدا إلا ما هو بعض من جسم" (٥) .

حينئذ فيجيبهم أهل السنة بقوله: "ولا نعقل علما إلا ما هو قائم بجسم، ولا قدرة إلا ما هو قائم بجسم، ولا نعقل سمعا وبصرا وكلاما إلا ما هو قائم بجسم، فلو فرقتم بي المتماثلين؟ وقلتم: إن هذه يمكن قيامها بغير جسم، وهذه لا يمكن قيامها إلا بجسم، وهما في المعقول سواء" (٦) .

وهذا مما لا محيد للأشاعرة عنه، لأنه لا فرق بينه ما نفوه وما أثبتوه، وقد صاغها شيخ الإسلام في مكان آخر بعبارة أخرى فقال: "إن من نفى شيئاً


(١) مجموع الفتاوى (٦/٤٤-٤٥) .
(٢) المصدر السابق (٦/٤٥) .
(٣) في مجموع الفتاوى [وغير ذلك] ولعل ما أثبت يناسب سياق الكلام.
(٤) مجموع الفتاوى (٦/٤٥) .
(٥) المصدر السابق، نفس الجزء والصفحة.
(٦) المصدر نفسه، نفس الجزء والصفحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>