للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام معلقا على هذه الأحاديث: "فثبت بالسنة والإجماع أن الله يوصف بالسكوت. لكن السكوت يكون تارة عن التكلم، وتارة عن إظهار الكلام وإعلامه، كما قال في الصحيحين عن أبي هريرة: "يا رسول الله: أرأيتك سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول؟ قال أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب ... " (١) إلى آخر الحديث، فقد أخبره أنه ساكت، وسأله ماذا تقول؟ فأخبره أنه يقول في حال سكوته، أي سكوته عن الجهر والإعلان.

لكن هذان المعنيان المعروفان في السكوت، لا تصح على قول من يقول: إنه متكلم كما إنه عالم، لا يتكلم عند خطاب عباده بشيء، وإنما يخلق لهم إدراكا ليسمعوا كلامه القديم، سواء قيل: هو معنى مجرد، أو معنى وحروف، كما هو قول ابن كلاب والأشعري، ومن قال بذلك من الفقهاء وأهل الحديث والصوفية من الحنبلية وغيرهم، فهؤلاء إما أن يمنعوا السكوت - وهو المشهور من قولهم - أو يطلقوا لفظه ويفسروه بعدم خلق إدراك للخلق يسمعون به الكلام القديم، والنصوص تبهرهم، مثل قوله: إذا تكلم الله بالوحي ... " (٢) والله تعالى فرق بين إيحائه وتكليمه كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ


(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، ورقمه (٧٤٤) الفتح (٢/٢٢٧) ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، ورقمه (٥٩٨) .
(٢) مجموع الفتاوى (٦/١٧٩-١٨٠) ، وانظر: الفرقان بين الحق والباطل - مجموع الفتاوى - (١٣/١٣١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>