للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك اعترف بعض أعلامهم بما في المذهب الأشعري من إشكالات، حتى قال العز بن عبد السلام لما سئل في مسألة القرآن: "كيف يعقل شيء واحد هو أمر ونهي وخبر واستخبار؟ فقال أبو محمد: ما هذا بأول إشكال ورد على مذهب الأشعري" (١) . وسترد أمثلة أخرى إن شاء الله تعالى.

ومناقشة قول الأشاعرة - في زعمهم أن كلام الله معنى واحد - واضحة جدا، ويمن إجمال ردود شيخ الإسلام عليهم في ذلك بما يلي:

١- أن هذا القول انفردوا به عن سائر الفرق، كما ذكره الرازي (٢) ، سواء قالوا - كما هو قول جمهورهم - إنه معنى واحد، أو قالوا إنه خمسة معان، كما هو قول بعضهم.

فالذين قالوا هو معنى واحد قالوا: ذلك المعنى هو معنى كل أمر أمر الله به، سواء كان أمر تكوين، أو أمر تشريع، وسواء أمرا ورد في القرآن أو ورد في التوراة، وكذلك هو معنى كل نهي نهى الله عنه، وهو معنى كل خبر أخبر الله به.

والذين قالوا إنه خمسة معان يقولون الأمر الواحد هو الأمر بالصالة والزكاة، والحج، والسبت - الذي لليهود - وهو الأمر بالناسخ والمنسوخ، وبالأقوال وبالأفعال، وبالعربي والعبراني، كل ذلك أمر واحد، ومثله النهي ومثله الخبر، حيث يقولون: إن ما أخبر الله به في آية الكرسي وسورة الإخلاص، وقصص الأنبياء والكفار، وصفة الجنة والنار، كل ذلك خبر واحد (٣) .

يقول شيخ الإسلام معلقا على هذا: "ومن المعلوم أن مجرد تصور تصور هذا القول يوجب العلم الضروري بفساده، كما اتفق على ذلك سائر العقلاء، فإن أظهر المعارف أن الأمر ليس هو الخبر، وأن الأمر بالسب ليس هو الأمر بالحج،


(١) انظر: التسعينية (ص:٢٦١) .
(٢) انظر: المصدر السابق (ص:١٧٥) .
(٣) انظر: المصدر نفسه - نفس الصفحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>