للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما أظن - تأثير كبير في الفكر الصوفي - بعد الغزالي - حين أصبحت الكرامات والخوارق المزعومة للأولياء مقبولة مهما كان فيها من مخالفة للشرع والعقل.

٣- مجيئه بقانون التأويل الكلامي حين يتعارض - وبالأصح حين يتوهم التعارض - بين العقل والنقل، والغزالي وإن كان مسبوقاً إلى هذا القانون (١) ، إلا أنه ألف فيه رسالة مستقلة كانت على إثر أسئلة سألها أحد تلاميذه (٢) ، وفي هذه الرسالة ذكر فرق الناس في هذه المسألة، ورجح قول الفرقة الخامسة التي قال عنها " هي الفرقة المتوسطة الجامعة بين البحث عن المعقول والمنقول الجاعلة كل واحد منهما أصلاً مهماً، المنكرة لتعارض العقل والشرع، وكونه حقاً، ومن كذب العقل فقد كذب الشرع إذ بالعقل عرف صدق الشرع، ولولا صدق دليل العقل لما عرفنا الفرق بين النبي والمتنبي، والصادق والكاذب، وكيف يكذب العقل بالشرع، وما ثبت الشرع إلا بالعقل، وهؤلاء هم الفرقة المحقة، وقد نهجوا منهجاً قويماً.." (٣) ، وبعد أن يذكر صعوبة هذا المسلك أوصى بعدة وصايا منها: " الوصية الثانية أن لا يكذب برهان العقل أصلاً، فإن العقل لا يكذب، ولو كذب العقل فلعله كذب في إثبات الشرع، فكيف يعرف صدق الشاهد بتزكية المزكي الكاذب، والشرع شاهد بالتفاصيل، والعقل مزكي الشرع" (٤) ،

وقد تأثر بهذا القانون جمهرة الأشاعرة بعد الغزالي، ومن


(١) من الفلاسفة ابن سينا، حيث يقول في الأضحوية في المعاد: " أما أمر الشرع فينبغي أن يعلم فيه قانون واحد وهو أن الشرع والملل الآتية على لسان نبي من الأنبياء يرام بها خطاب الجمهور كافة" (الأضحوية ص: ٩٧ ت حسن عاصي) ، ومن المتكلمين الجويني في الإرشاد، انظر: (ص: ٣٥٨-٣٦٠) .
(٢) وهو أبو بكر بن العربي، وفي المعيار المعرب (١١/٢٣-٢٤) ، نقل نص جواب للغزالي على أحد أسئلة ابن العربي وهذا النص أخّر قانون التأويل للغزالي (ص: ٣٤٥-٣٤٦) ، وممن نبه إلى أن السائل ابن العربي ابن تيمية في الدرء (١/٥) وانظر: الدراسة الواردة في مقدمة تحقيق قانون التأويل لابن العربي (ص: ٢٤٤) .
(٣) قانون التأويل للغزالي (ص: ٢٣٨-٢٣٩) ، - ط في ذيل معارج القدس - مكتبة الجندي.
(٤) قانون التأويل للغزالي (ص: ٢٤٠) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>