للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبرزهم تلميذه، أبو بكر بن العربي (١) ، والرازي (٢) ، وغيرهم، وهذا القانون أصبح فيما بعد أحد ركائز العقيدة الأشعرية وأخطرها وأعظمها أثراً، ولذلك أفرده شيخ الإسلام ابن تيمية بمؤلفه الكبير " درء تعارض العقل والنقل ".

٤- ومن أهم سمات منهج الغزالي أنه حول المعركة - التي كانت تدور فيما سبق بين الأشاعرة والمعتزلة - إلى معركة بين الأشاعرة والفلاسفة، وكتاب تهافت الفلاسفة يعتبره الأشاعرة بدءاً من الغزالي نفسه أحد الكتب المؤيدة لمذهبهم، وقد ألفه الغزالي في المرحلة التي كان فيها أستاذ المدرسة النظامية -الأشعرية- دون منازع (٣) ، والذي ينبغي أن يلاحظ أمران:

أحدهما: أن الغزالي ناقش الفلاسفة بمختلف المناهج، ولذلك قال في المقدمة الثالثة في كتابه: " ليعلم أن المقصود تنبيه من حسن اعتقاده في الفلاسفة، وظن أن مسالكهم نقية من التناقض، ببيان وجوه تهافتهم، فلذلك أنا لا أدخل في الاعتراض عليهم إلا دخول مطالب منكر، لا دخول مدع مثبت، فأبطل عليهم ما اعتقدوه مقطوعاً بإلزامات مختلفة، فإلزامهم تارة مذهب المعتزلة، وأخرى مذهب الكرامية، وطوراً مذهب الواقفية، ولا أتنهض ذاباً عن مذهب مخصوص، بل أجعل الجميع ألباً واحداً عليهم، فإن سائر الفرق ربما خالفونا في التفصيل، وهؤلاء يتعرضون لأصول الدين، فلنتظاهر عليهم فعند الشدائد تذهب الأحقاد " (٤) ، ومع ذلك فالغزالي غلب منهج الأشاعرة، واستفاد من منهجه السابق في الهروب من تحديد مذهبه الذي يؤمن به في القضايا المطروحة ولذلك قال في جواب أحد الاعتراضات عليه: " نقول: نحن لم نخض في هذا


(١) انظر: كتابه قانون التأويل (ص: ٤٥٢-٥٧٦-٦٤٦) ، وانظر: كتاب مع القاضي أبي بكر ابن العربي سعيد اعراب (ص: ٤٣) .
(٢) انظر: أساس التقديس للرازي (ص: ٢٢٠-٢٢١) ، - ت السقا - و (ص:١٧٢-١٧٣) ، - ط الحلبي -.
(٣) ولذلك قرر في كتابه التهافت مذهب الأشاعرة مثل قضية السببية، ومثل مسألة تأويل الصفات. انظر: (ص: ٢٩٣) .
(٤) تهافت الفلاسفة (ص: ٨٢-٨٣) ، - ت سليمان دنيا -.

<<  <  ج: ص:  >  >>