للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-بقوة- مذهب الأشاعرة كالأربعين وأساس التقديس ونهاية العقول والمعالم وغيرها وهؤلاء جعلوا خوضه في الفلسفة مثل خوض الغزالي فيها وإنما هو للرد على الفلاسفة ونقض أقوالهمن ومن قال إنه متكلم متفلسف فقد عبر فعلاً عن ما تحويه كتبه من موافقة لأهل الفلسفة وأهل الكلام.

أما القول الرابع وهو أن الرازي مر بمراحل فقد تبناه الدكتور محمود قاسم، وتابعه في ذلك تلميذه محمد صالح الزركان، وعلى هذا الرأي بنى رسالته العلمية عن الرازي (١) ، فذكر - في كل مسألة من مسائل الفلسفة أو العقيدة - أن الرازي مر فيها بمرحلتين أو أكثر حسب ما هو موجود في كتبه المختلفة، ونظراً لأن هذه الدراسة انتشرت وتناقل أفكارها كثير من الباحثين، فأود أن أسجل عليها الملاحظات التالية وهي ملاحظات تفيد في التعرف على منهج الرازي وعقيدته:

أ - يقول الزركان " نظراً إلى اختلاف آراء الرازي في معظم المسائل فقد تبادر إليّ بادئ الأمر أنني حيال تناقض واضطراب، وبالفعل كتبت الرسالة مفسراً ما أجده من تعارض آرائه بالتناقض، إلا أن أستاذنا الدكتور محمود قاسم رأى - بعد أن قرأ ما كتبت - أن الأمر ليس تناقضاً، بل هو تطور، وعندئذ عدت إلى أوراقي أقرؤها واضعاً واضعاً نصب عيني الترتيب الزماني لمؤلفات الرازي، فاتضح لي صدق نظرة أستاذنا ومن ثم اضطررت إلى تغيير أكثر ما دونته أولاً" (٢) ، والذي يتبادر إلى الذهن من هذا الكلام أنه قصد من تغيير منهجه في الدراسة إلى أن يتخلص من الحكم بتناقض الرازي، وليس هناك مبرر واضح لهذا التغيير، وكل إنسان ألف كتباً عديدة لابد أن يكون قد ألفها في أزمان متتالية، والتطور إنما يكون للآراء والأفكار، ولو أن الرازي كان أشعرياً في أول أمره ثم تحول إلى الفلسفة ورد على الأشاعرة، أو بالعكس، لكان هذا تطوراً واضحاً، ولكن من خلال تتبع مؤلفاته تبين أنه ألف ف وقت مبكر كتباً فلسفية وأشعرية،


(١) التي بذلك فيها جهداً كبيراً، فتتبع بشكل جيد أقوال الرازي في كتبه المخطوطة والمطبوعة ودرسها وقارن بينها.
(٢) فخر الدين الرازي للزركان (ص: ٦١٨) ، - حاشية -.

<<  <  ج: ص:  >  >>