للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغوص في عللها ودقائق رواياتها، فيأتي الواحد من هؤلاء المتكلمين ومبلغ علمه ما في كتب ابن سينا والفارابي وابن رشد، أو كتب أهل الكلام من الجهمية والمعتزلة، وغيرهم، فيقول: خبر الآحاد لا يفيد العلم، ويحتج بأن هذا قول أمثالهـ من أهل الكلام - بل ويقلب الموضوع ليدعي أن قوله هو قول الجمهور، وأن القول بأنه يفيد العلم هو قول فئة قليلة ممن يسميهم حشوية أهل الحديث وبعض الحنابلة، فشيخ الإسلام يقرر أن المنهج الحق أن يرجع في كل فن إلى أهله، فكما أن الطب يرجع فيه إلى أهل الطب، فكذلك في المسألة المطروحة يرجع فيها إلى أهل الحديث فينظر في أقوالهم ورأيهم هل يفيد عندهم خبر الآحاد العلم أم لا؟ فإذا أجمعوا على أنه يفيد العلم إذا تلقته الأمة بالقبول فلا يلتفت إلى خلاف من سواهم ممن هم كالعوام في علم الحديث.

وهذا منهج تأصيلي مهم لمن أراد أن يدرس هذا الموضوع، لأن هناك جوانب ينبغي الانطلاق منها، وهو ما فعله ابن القيم -رحمه الله- مما وصل إلينا من مختصر الصواعق.

جـ - ومن المنهج التأصيلي الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ما نقله عنه ابن القيم، في تحقيق مذهب السلف في هذا الباب وبيان المداخل المهمة فيه، يقول شيخ الإسلام:" وأهل الحديث لا يجعلون حصول العلم بمخبر هذه الأخبار الثابتة من جهة العادة المطردة في حق سائر المخبرين " (١) ، وهذا رد لدعوى أهل الكلام الذين يقولون عن السلف إنهم يرون حصول العلم في خبر كل مخبر، وهذا غلط شنيع عليهم، وقد شرح شيخ الإسلام قولهم بقوله:" بل يقولون ذلك:

- لأمر يرجع إلى المخبر.

- وأمر يرجع إلى المخبر عنه.

- وأمر يرجع إلى المخبر به.

- وأمر يرجع إلى المخبر المبلغ.


(١) مختصر الصواعق (٢/٣٧٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>