أهل الضلال من الفلاسفة وغيرهم ما فيه هذه المعاني الباطلة، فربما خوطبوا بهذه المعاني بعبارة من العبارات، وبينوا بطلانها لمن سألهم، والواحد منا قد يجتمع بأنواع من أهل الضلال، ويسألونه عن أنواع من المسائل، ويوردون عليه أنواعاً من الأسئلة والشبهات الباطلة فيجيبهم عنها، وأكثر الناس لا يعلمون ذلك ولا ينقلونه ".
" والشافعي وأحمد وغيرهم من الأئمة قد ناظروا أنواعاً من الجهمية أهل الكلام، وجرى بينهم من المعاني ما لم ينقل، ولكن من عرف طرق المناظرين لهم والمسائل التي ناظروهم فيها، علم ما كانوا يقولونه "، ثم يقول شيخ الإسلام - بعد مناقشة - " ففي الجملة: المعاني الصحيحة الثابتة كان الصحابة أعرف الناس بها، وإن كان التعبير عن تلك المعاني يختلف بحسب اختلاف الاصطلاحات. والمعاني الباطلة قد لا تخطر ببال أحدهم، وقد تخطر بباله فيدفعها أو يسمعها من غيره فيردها فإن ما يلقيه الشيطان من الوساوس والخطرات الباطلة ليس له حد محدود، وهو يختلف بحسب أحوال الناس " (١) .
وشيخ الإسلام - مما سبق - بين أنه يجب التفريق بين:
- الكلام المذموم، والكلام الحق الموافق للكتاب والسنة.
- المصطلح الحادث المخالف للكتاب والسنة، والمصطلح الحادث الذي لا يخالفهما.
- الجدال والمناظرة المذمومة التي ذمها السلف، والجدال والمناظرة التي أثرت عن السلف.
كما أنه يجب أن يعلم أن الحق واحد، واضح، ولذلك فهو معلوم، وأن الباطل متعدد، متنوع، يلتبس بالحق أحياناً، ولذلك فلا يمكن حصر أنواعه ومصطلحاته ووسائله في زمن أو مكان محدد.
و نعى شيخ الإسلام على المتكلمين من الأشاعرة حين ظنوا أن الفقه من باب الظنون، وأن علم الكلام من باب القطعيات، يقول: " إن طوائف كبيرة من أهل الكلام من المعتزلة.. كأبي علي، وأبي هاشم، وعبد الجبار،