للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة عن هؤلاء الأئمة، يقول شيخ الإسلام: "ولما كان الكلام في هذه الأبواب المبتدعة مأخوذا في الأصل عن المعتزلة والجهمية ونحوهم، وقد تكلم هؤلاء في أول الواجبات: هل هو النظر، أو القصد، أو الشك، أو المعرفة؟. صار كثير من المنتسبين إلى السنة والمخالفين للمعتزلة في جمل أصولهم يوافقونهم على ذلك، ثم الواحد من هؤلاء إذا انتسب إلى إمام من أئمة العلم كمالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد، وصنف كتابا في هذا الباب يقول فيه: قال أصحابنا، واختلف أصحابنا، فإنما يعني بذلك أصحابه الخائضين في هذا الكلام، وليسوا من هذا الوجه من أصحاب ذلك الإمام؛ فإن أصحابه الذين شاركوه في مذهب ذلك الإمام إنما بينهم وبين أصحابه المشاركين له في ذلك الكلام عموم وخصوص، فقد يكون الرجل من هؤلاء، وبالعكس، وقد يجتمع فيه الوصفان (١) ".

ويضرب لذلك مثلا يقول أبي الفرج المقدسي الحنبلي في كتابه "التبصرة في أصول الدين": "فصل في أول ما أوجب الله على العبد معرفته، والثاني: أن أول ما أوجب الله على العبد النظر والاستدلال المؤديان إلأى معرفة الله تعالى" (٢) .

يقول شيخ الإسلام معلقا: "قلت فهذا الكلام وأمثاله يقوله كثير من أصحاب الأئمة الأربعة، ومعلوم أن الأئمة الأربعة ما قالوا لا هذا القول، ولا هذا القول، وإنما قال ذلك من أتباعهم من سلك السبيل المتقدمة" (٣) أي المبتدعة والتي سبق أن ذكرها شيخ الإسلام من دليل الأعراض وغيره.

والغرض من ذكر هذه الحقيقة هنا - مع أنها لا تختص في هذا الموضع - الإشارة إلى أمرين: أحدهما: أن هذا جزء من منهج شيخ الإسلام ابن تيمية،


(١) درء التعارض (٨/٣-٤) .
(٢) المصدر السابق (٨/٤-٥) ، وانظر: النص في "التبصرة في أصول الدين" (ص: ٦-٧) - مطبوع على الآلة الكاتبة - تحقيق إبراهيم بن محمد الدوسري، وأبو الفرج المقدسي اسمه: عبد الواحد ابن محمد علي الشيرازي المقدسي الأنصاري الحنبلي. توفي سنة ٤٨٦ هـ، كانت له وقعات مع الأشاعرة.
انظر في ترجمته طبقات الحنابلة (٢/٢٤٨) ، وذيلها (١/٦٨) ، وسير أعلام النبلاء (١٩/٥١) .
(٣) درء التعارض (٨/٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>