للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلما بدون ذلك" (١) ، ويستشهد بكلام ابن المنذر: "أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن الكافر إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأن كل ما جاء به محمد حق، وأبرأ إلى الله من كل دين يخالف دين الإسلام- وهو بالغ صحيح يعقل- أنه مسلم. فإن رجع بعد ذلك فأظهر الكفر كان مرتدا، يجب عليه ما يجب على المرتد" (٢) ، وهذا موافق لما دلت عليه النصوص، وما ابتدعه هؤلاء من وجوب النظر والمعرفة فليس عليه دليل، وإنما أخذوه من أهل الاعتزال والكلام.

ولا يكتفي شيخ الإسلام بهذه الردود المباشرة على قول هؤلاء، وإنما يرد عليهم من وجوه أخر، يبين فيها تناقض الأشاعرة وردود بعضهم على بعض، كما يربط المسألة بمسائل أخر توضح خطأهم فيها:

١- فإبراز التناقض عند الأشاعرة من منهج شيخ الإسلام العام في الرد على الأشاعرة- وقد سبق تفصيل القول فيهـ، ووجه تناقضهم هنا أنهم مع قولهم بأن أول الواجبات النظر أو المعرفة إلا أنهم يقولون لا واجب إلا بالشرع - خلافا للمعتزلة- وهذا يناقض ما أوجبوه من النظر، يقول شيخ الإسلام:

"ثم القول بأن أول الواجبات هو المعرفة أو النظر لا يمشي على قول من يقول: لا واجب إلا بالشرع، كما هو قول الأشعرية وكثير من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، فإنه على هذا التقدير لا وجوب إلا بعد البلوغ على المشهور وعلى قول من يوجب الصلاة على ابن عشر سنين أو سبع، لا وجوب على من لم يبلغ ذلك، وإذا بلغ هذا السن فإنما يخاطبه الشرع بالشهادتين إن (٣) كان لم يتكلم بهما، وإن كان تكلم بهما خاطبه بالصلاة، وهذا هو المعنى الذي قصده من قال: أول الواجبات الطهارة والصلاة، فإن هذا أول ما يؤمر به المسلمون إذا بلغوا أو إذا ميزوا" (٤) ، وفي موضع آخر يبين شيخ الإسلام جانبا


(١) درء التعارض (٨/٧) .
(٢) المصدر السابق (٨/٧) وكلام ابن المنذر في الإجماع (ص: ١٥٤) - ط دار طيبة.
(٣) في المطبوعة [وإن] ولعل الواو زأندة.
(٤) درء التعارض (٨/١٢-١٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>