للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر من غلطهم وتناقضهم في هذا، وهو أنه لو قدر أن المعرفة لا تحصل إلا بالنظر، فهل من شرط ذلك أن يتأخر إلى البلوغ، ولو فرض أنه نظر قبل البلوغ لحصل له ذلك وهو غير واجب عليه (١) .

٢- ويطبق شيخ الاسلام جانبا آخر من منهجه العام في الرد على الأشاعرة، وهو ردود بعضهم على بعض- وقد سبق توضيح ذلك في الفصل السابق- وهو هنا ينقل كلام بعض الأشاعرة أو المائلين إلى طريقتهم:

أ- فالشهرستاني يصرح في نهاية الاقدام أن معرفة الله فطرية، ويقول: " إن الفطرة السليمة الإنسانية شهدت بضرورة فطرتها، وبديهة فكرتها على صانع حكيم، قادر عليم، "أَفِي اللَّهِ شَكٌّ" [إبراهيم: ١٠] (٢) ، فأين وجوب النظر أو القصد أو الشك؟.

ب- والرازي صرح في نهاية العقول بقوله بعد كلام: " وبهذا يتبين خطأ قول من زعم أن أول الواجبات القصد إلى النظر الصحيح المفضي إلى العلم بحدوث العالم " (٣) ، قال شيخ الإسلام معلقا: " قلت: هذا القول الذي خطأه الرازي هو الذي ذكره أبو المعالي في أول الإرشاد (٤) ، كما ذكره طوائف من أهل الكلام المعتزلة وغيرهم " (٥) ، والرازي يرى إن إثبات الصانع لا يتوقف على هذا الطريق بل هناك طرق أخرى، وقد صرح الرازي بأن هناك معارف يمكن أن تحصل بغير النظر وتكون ضرورية (٦) ، وقصته مع نجم الدين الكبرى - أحمد الحيوقي- أحد شيوخ المعرفة، وكان من أجل شيوخ وقته في بلاده


(١) انظر: درء التعارض (٧/٤٢١) ، ومن تناقضهم أيضا أن كثيرا منهم يقول مع ذلك: إن المعرفة لا تحصل الا بالشرع، انظر نصوصا من كلامهم في درء التعارض (٩/١٦-٣٨) .
(٢) درء التعارض (٧/٩٧) ، والنص في نهاية الإقدام (ص: ١٢٤) .
(٣) درء التعارض (٥/٢٩٠) ، والنص في نهاية الهقول (١٤-أ) .
(٤) ص ٣.
(٥) درء التعارض (٥/٢٩٠) .
(٦) انظر: المصدر السابق (٧/٣٥٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>