للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

د- والقاضي أبو يعلى صرح في المعتمد بوجوب النظر، ثم تراجع عن ذلك في كتابه عيون المسائل، وقد نقل شيخ الأسلام أقواله في ذلك (١) .

فهذه أقوال الأشاعرة تدل على فساد ما يقوله كثير منهم من أن أول واجب على المكلف النظر وأنه لا طريق إلى معرفة الله إلا بذلك، وشيخ الإسلام وهو يرد على من قال بوجوب النظر يورد هذا الاعتراض الذى يذكره البعض، فيقول: " فإن قيل: إذا كانت معرفته والإقرار به ثابتا في كل فطرة، فكيف ينكر ذلك كثير من النظار- نظار المسلمين وغيرهم- وهم يدعون أنهم الذين يقيمون الأدلة العقلية على المطالب الالهية؟ "- ويجيب شيخ الإسلام بقولهـ:

" فيقال: أولا: أول من عرف في الإسلام بإنكار هذه المعرفة هم أهل الكلام - الذي اتفق سلف الأمة على ذمهـ من الجهمية والقدرية، وهم عند سلف الأمة من أضل الطوائف وأجهلهم، ولكن انتشر كثير من أصولهم في المتأخرين من الذين يوافقون السلف على كثير مما خالفهم فيه سلفهم الجهمية، فصار بعض الناس يظن أن هذا قول صدر في الأصل عن علماء المسلمين، وليس كذلك، إنما صدر أولا عمن ذمه أئمة الدين وعلماء المسلمين، الثاني: أن الأنسان قد

يقوم بنفسه من العلوم والإرادات وغيرها من الصفات ما لا يعلم أنه قائم بنفسه، فإن قيام الصفة بالنفس غير شعور صاحبها أنها قامت به، فوجود الشيء في الإنسان وغيره غير علم الإنسان به ... " (٢) .

٣- وإضافة إلى ما سبق من الردود على الأشاعرة في هذه المسألة، فإن شيخ الإسلام يناقش القضية من زوايا أخرى لها علاقة بها:

أ- فمن ذلك أن لفظ "النظر" فيه إجمال، ولذلك كثر اضطراب الناس وتناقضهم فيه، وهؤلاء المتكلمون يوجبون النظر لأنه يتضمن العلم ثم يقولون:

إن النظر يضاد العلم، فكيف يكون ما يتضمن العلم مضادا له، لا يجتمعان؟، وهنا قال من قال بوجوب الشك، ويناقش شيخ الإسلام هذا الإجمال فيقول:


(١) انظر: درء التعارض (٧/٤٤٢-٤٤٣، ٨/٣٤٨، ٩/٣٦) .
(٢) مجموع الفتاوى (٦ / ٣٤٠- ٣٤١) ، وانظر بقية كلام شيخ الاسلام إلى (ص: ٣٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>