للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصفات، والجهمية نفوا الأسماء والصفات جميعا، وزاد الغلاة من القرامطة والباطنية فقالوا لا يوصف بالنفي والإثبات، لأن القول بأحدهما يقتضي تشبيها، وهكذا (١) .

٣- أما الثالث فقولهم: إن من معاني التوحيد أنه تعالى: واحد في أفعاله لا شريك له، وأن الله رب كل شيء وخالقه، ويقول شيخ الإسلام عن هذا المعنى:

"وهذا معنى صحيح، وهو حق، وهو أجود ما اعتصموا به من الإسلام في أصولهم، حيث اعترفوا فيها بأن الله خالق كل شيء ومربيه ومدبره" (٢) ، والخطأ الذي وقع فيه الأشاعرة هنا هو أنهم فهموا أن هذا هو التوحيد الذى دعت إليه الرسل، وأنه المقصود بشهادة أن لا إله إلا الله، ومن المعلوم أن هذا التوحيد قد أقر به المشركون، ولم ينكره أحد من بني آدم " ولكن غاية ما يقال: إن المعتزلة وغيرهم جعلوا بعض الموجودات خلقا لغير الله، كأفعال العباد، ولكنهم يقرون بأن اللَة خالق العباد وخالق قدرتهم وإن قالوا: إنهم خالقو أفعالهم" (٣) .

هذه معاني التوحيد عند الأشاعرة، ومما سبق يتبين ما في ظاهر العبارات من الحق، وما قصدوه من الباطل، مع ما وقعوا فيه من التقصير.

ب- اتباعهم لمن سبقهم من الجهمية والمعتزلة في تعريف التوحيد:

وهذا من منهج شيخ الإسلام العام في ردوده على الأشاعرة، حيث إنه كثيرا ما يرجع أقوال هؤلاء إلى أصولها الفلسفية والاعتزالية، ولذلك فهو هنا حين رد على الرازى الذي نفى الصفات بناء على أن الله أحد، واحد، أرجع أقواله إلى أقوال المعتزلة فقال: "هذا الاستدلال هو معروف قديما من استدلال الجهمية النافية، فإنهم يزعمون أن إثبات الصفات ينافي التوحيد ويزعمون أنهم هم الموحدون، فإن من أثبت الصفات فهو مشبه ليس بموحد، وأنه يثبت تعدد


(١) انظر: التدمرية (ص: ١٨٢-١٨٣) - ت العسوى.
(٢) التسعينية (ص:٢٠٧) .
(٣) انظر: التدمرية (ص: ١٨٠-١٨١) ، والتسعينية (ص: ٢٠٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>