للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو المرجع في تفسير النصوص التي نزلت وتلاها الناس وفسروها وفهموها في زمن سابق قبل أن تنشأ تلك المصطلحات الحادثة، فكيف إذا كانت هذه المصطلحات تصادم المعنى الحق الذي دلت عليه النصوص، وقد أورد شيخ الإسلام اعتراضا حول موضوع الواحد مضمونه: أنه قد يقال: إنه يجوز أن يستعمل لفظ الواحد فيما قصده المتكلمون عن طريق المجاز أو المشترك اللفظي أو غيره وقد أجاب بقوله: " هب أنه يجوز لمن بعدهم أن يستعمل ذلك، لكن نحن نعلم أنهم [أي العرب الذين نزل بلغتهم القرآن] لم يستعملوه في ذلك، لأنهم لم يكونوا يثبتون هذا المعنى " (١) ، ثم يحسم شيخ الإسلام بيان انتفاء دلالة النص على ما ادعاه هؤلاء في مسمى التوحيد من وجوه عشرة مهمة (٢) قال في آخرها: " فتبين أن لفظ التوحيد والواحد والأحد في وضعهم واصطلاحهم غير التوحيد والواحد والأحد في القرآن والسنة والإجماع وفي اللغة التي جاء بها القرآن، وحينئذ فلا يمكنهم الاستدلال بما جاء في كلام الله ورسله وفي لفظ التوحيد على ما يدعونه هم، لأن دلالة الخطاب إنما تكون بلغة المتكلم وعادته المعروفة في خطابه، لا بلغة وعادة واصطلاح أحدثه قوم آخرون، بعد انقراض عصره وعصر الذين خاطبهم بلغته وعادته ... " (٣) . وهذا ينطبق على مسألة الواحد والتوحيد وعلى غيرها مما جاء به القرآن الكريم مما يتعلق بأسماء الله وصفاته.

٤- أن لفظ "الأحد لم يجىء اسما في الإثبات إلا لله تعالى، أما في حق غيره فلم يستعمل إلا مع الاضافة، أو في غير الموجب، كالنفي والشرط والاستفهام، فاستعماله في الإثبات لله كقوله تعالى: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ"

[الإخلاص: ١] ، أما استخدامه في حق غير الله مضافا فكقوله تعالى: "قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا" [يوسف: ٣٦] ، وفي النفي كقوله: "وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا" [الكهف: ٤٩] ، والشرط كقوله: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ" التوبة: ٦] ، والاستفهام كما تقدم قريبا في حديث: أيصلي الرجل


(١) درء التعارض (٧/١١٩) .
(٢) انظرها في درء التعارض (٧/١٢٠-١٢٢) .
(٣) انظر: المصدر السابق (٧/١٢٢-٢٢٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>