للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يواطئه بوجه من الوجوه، كان هذا ممتنعا، وكذلك إذا أريد بقول القائل: "لا يشبهه بوجه من الوجوه، هذا المعنى، بخلاف ما إذا أراد المماثلة والمساواة والمكافأة، أو أراد ذلك بلفظ المشاركة والموافقة والمواطأة، فإنه سبحانه لا يماثله شيء بوجه من الوجوه، ولا شريك له بوجه من الوجوه" (١) . ويقول أيضا: "إن ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك، ونفي (٢) ذلك القدر المشترك ليس هو نفس (٢) التمثيل والتشبيه الذى قام الدليل العقلي والسمعي على نفيه، وإنما التشبيه الذى قام الدليل على نفيه ما يستلزم ثبوت شيء من خصائص المخلوقين لله سبحانه وتعالى، إذ هو سبحانه " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ" [الشورى: ١١] ، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله" (٣) ، وهذه المسألة مرتبطة بمسألة ما بين أسماء الله وصفاته وأسماء المخلوقين وصفاتهم من الاتفاق: هل هو من قبيل المشترك اللفظي أو المتواطئ؟ وهي مسألة اهتم بها شيخ الإسلام كثيرا. وسيأتي إن شاء الله مزيد بيان لها في المبحث التالي عند الكلام على الأسماء والصفات.

٩- أن القرآن الكريم ورد بنفي التمثيل وما في معناه كالند والشريك والكفو، أما التشبيه فلم يرد نفيه ولا ذمه في الكتاب والسنة، ويرى شيخ الإسلام أن السبب ما في لفظ التشبيه من الاجمال والاشتراك والابهام بخلاف لفظ التمثيل (٤) ، ويشرح ذلك بشكل مفصل فيقول: "إن نفي التشبيه من كل وجه هو التعطيل والجحود لرب العالمين، كما عليه المسلمون متفقون، كما أن إثباته مطلقا هو جعل الأنداد لرب العالمين، لكن من الناس من لا يفهم هذا ولا يعتقد

أن لفظ التشبيه يدل على التمثيل المنفي عن الله، إذ لفظ التشبيه فيه عموم وخصوص ... ومن هنا ضل فيه أكثر الناس؛ إذ ليس له حد محدود. وما هو (٥) منتف بالاتفاق بين المسلمين، بل بين أهل الملل كلهم، بل بين جميع العقلاء المقرين بالله، معلوم بضرورة العقل، ومنه ما هو ثابت بالاتفاق بين


(١) درء التعارض (٧/١٨٣) .
(٢) كذا في درء التعارض، ولحل الصواب (نفس) أو (نفي) في كليما.
(٣) درء التعارض (٧/٣٢٧) .
(٤) انظر نقض التأسيس- طبوع- (١/١٠٩) .
(٥) كذا في المخطوطة، ولعل صحة العبارة [منه ما هو] .

<<  <  ج: ص:  >  >>