للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ " [النحل: ٥١] ، وقال: " لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا - إلى قولهـ " فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا " [الإسراء: ٢٢-٣٩] وكما قال: " تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ، أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى "

[الزمر: ١-٣] وكما قال: " وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ " [الفرقان: ٦٨] والشرك الذي ذكره الله في كتابه إنما هو عبادة غيره من المخلوقات، كعبادة الملائكة أو الكواكب أو الشمس أو القمر أو الأنبياء أو تماثيلهم، أو قبورهم، أو غيرهم من الآدميين ونحو ذلك مما هو كثير في هؤلاء الجهمية ونحوهم ممن يزعم أنه محق في التوحيد وهو من أعظم الناس اشراكا " (١) .

وكلام شيخ الإسلام في هذا الباب لا يحتاج إلى بيان، فكتبه كلها لا تكاد تخلو من بيان هذا الأمر العظيم الذى هو لب التوحيد وأسّه وهو توحيد الألوهية، والرد على من فسر التوحيد بأن المقصود به توحيد الربوبية فقط (٢) ، ولا يعنى هذا أن شيخ الإسلام يهمل توحيد الربوبية، بل هو يرى- كما سيأتي إن شاء اللهـ أن أدلته فطرية بدهية، وأن جميع بني آدم مفطورون على الإقرار به ولم ينقل أهل المقالات عن أحد إثبات شريك مشارك لله في خلق جميع المخلوقات (٣) ، والرسل

بنوا دعوة الناس إلى توحيد الألوهية على إقرارهم واعترافهم بتوحيد الربوبية، فالمقر بتوحيد الألوهية مقر ضمنا بتوحيد الربوبية لأنه متضمن له، كا أن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية. وبعض الأشاعرة- كالشهرستاني- يقر بهذه الحقيقة إجمالاً ويذكر في معرض بيان أن العباد مفطورون على إثبات الصانع؛ أنه " لم يرد التكليف بمعرفة وجود الصانع، وإنما ورد بمعرفة التوحيد ونفى الشريك" (٤) .


(١) التسعينية (ص: ٢٠٨) ، وانظر: مجموع الفتاوى (١٠/٢٦٤-٢٦٥) .
(٢) انظر: فهارس مجموع الفتاوى- ط الرياض- (٣٦/٢-١٨) .
(٣) انظر: التدمرية (ص: ١٧٧) - ت السعوي، والإيمان (ص: ٧٢-٧٣) . ط المكتب الإسلامي.
(٤) نهاية الإقدام (ص: ١٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>