للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأثير التام" (١) . أما قول الفلاسفة فيلزم منه أمور باطلة منها أنه لا يحدث في العالم شيء، وهذا خلاف المحسوس (٢) .

ب- أن القول الحق في مسألة التسلسل في الآثار قول أئمة السلف وهو جوازه في الماضي والمستقبل، لكن هذا القول وإن قال به الفلاسفة إلا أن مذهب الفلاسفة في حقيقته باطل. ومذهب السلف يتميز عنه بأمور:

منها: أن السلف يقولون بأن الله متصف بصفات الكمال، كالعلم والإرادة والقدرة وغيرها، كما أنه تعالى يتكلم إذا شاء متى شاء، وهو الفعال لما يريد. وهو الخلاق العليم، أما الفلاسفة فينكرون هذه الصفات جميعها، وهذا غاية التعطيل والنقص. ولذلك آلت أقوالهم في التسلسل إلى القول بقدم العالم، وإذا أقروا بوجود الله سموه علة فاضت منها نفوس وعقول وأفلاك بلا إرادة منه، إلى غير ذلك من أقوالهم الفاسدة.

ومنها: أن الفلاسفة لم يفرقوا بين الآحاد والنوع من المفعولات، فقالوا بقدم الآحاد، وهذا هو التسلسل الباطل الممتنع، أما السلف فيقولون بقدم النوع، لأن الله لم يزل مريدا، خلاقا، فاعلا، متكلما إذا شاء متى شاء.

يقول شيخ الإسلام في رده على الفلاسفة:"ومن أسباب ذلك [أي ضلالهم في قولهم بقدم العالم] أنهم لم يعرفوا حقيقة السمع والعقل، فلم يعرفوا ما دل عليه لكتاب والسنة، ولم يميزوا في المعقولات بين المتشابهات، وذلك أن العقل يفرق بين كون المتكلم متكلما بشيء بعد شيء دائما، وكون الفاعل يفعل شيئا بعد شيء دائما، وبين آحاد الفعل والكلام فيقول: كل واحد من الأفعال لابد أن يكون مسبوقا بالفاعل وأن يكون مسبوقا بالعدم، ويمتنع كون الفعل المعين مع الفاعل أزلا وأبدا [كما هو قول الفلاسفة] وأما كون الفاعل لم يزل يفعل فعلا بعد فعل فهذا من كمال الفاعل، فإذا كان الفاعل حيا وقيل: إن الحياة


(١) درء التعارض (٨/٢٧٠ - ٢٧١) ، وانظر أيضا (٣٥٨/١-٣٧٢، ٦٢/٣) .
(٢) انظر: المصدر السابق (٨/٢٧١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>