وقد ظهرت عناية الإمام الكرماني ببيان مناسبة الحديث لترجمة الباب، وأولى اهتمامه فيها أكثر من غيرها في قسم العناية بتراجم الأبواب.
ومن خلال الاستقراء والتتبع ذكر العلماء بعض عادات الإمام البخاري في طريقة تعامله مع تراجم الأبواب، قال الكرماني:«وهنا ننبهك على
قاعدة كلية فاعلمها، وذلك أن البخاري ﵀ كثيرا ما يترجم الأبواب،
ولا يذكر في ذلك حديثا أصلا، أو لا يذكر ما ترجم الباب عليه، قال
بعض شيوخنا من حفاظ الشام: سببه أن البخاري بوّب الأبواب
وترجم التراجم أولا، ثم كان يذكر بعده في كل باب الأحاديث المناسبة له بالتدريج، فلم يتفق له إثبات الحديث لبعض التراجم حتى انتقل إلى الدار الآخرة، وقال بعض العراقيين عمل ذلك اختيارا وغرضه أن يبين أنه لم يثبت عنده بشرطه حديث في المعنى الذي ترجم عليه، والله أعلم فيحتمل أن تكون الترجمة منها» (١).
قلت ولعل قول بعض العراقيين أن عمل البخاري ذلك اختياراً هو أوجه وأقرب، ويقويه نقل ابن حجر عن أبي محمد بن أبي جمرة، في مدحه للصحيح فقال: «الجهة العظمى الموجبة لتقديمه وهي ما ضمنه أبوابه من التراجم التي حيّرت الأفكار، وأدهشت العقول والأبصار، وإنما بلغت هذه الرتبة وفازت بهذه الخطوة لسبب عظيم، أوجب عِظمها، وهو ما رواه أبو أحمد بن عدي عن