للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلبه احترازًا من المنافق، فإن قلت المشرك والمنافق لا سعادة لهما وأفعل التفضيل يدل علي الشركة، قلت: الأفعل بمعني الفعيل، يعني سعيد الناس … أو هو بمعناه الحقيقي المشهور في التفضيل بحسب المراتب أي هو: أسعد بمن لم يكن في هذه المرتبة من الإخلاص المؤكد البالغ غايته، والدليل علي إرادة تأكيده ذكر القلب إذ الإخلاص معدنه القلب ففائدته التأكيد كما في قوله تعالى ﴿فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ [البقرة: ٢٨٣].

الكشاف: فإن قلت هلّا اقتصر علي قوله فإنه آثم، وما فائدة ذكر القلب والجملة هي الآثمة لا القلب وحده؛ قلت: كتمان الشهادة هو أن يضمها

ولا يتكلم بها، ولما كان آثما مقترفا بالقلب أسند إليه؛ لأن إسناد الفعل إلى الجارحة التي يعمل بها أبلغ، ألا تراك تقول إذا أردت التأكيد أبصَرتُه عَينيّ، وسَمعتْ أُذني، أو تقول عُلم عدم السعادة لهما من الدلائل الخارجية الدالة بالتصريح عليه» (١).

سادساً ترجيح المعنى المراد من اللفظ بالقرائن:

وقد يكون المعنى الظاهر غير مراد، ويترجح المراد بقرينة تدل عليه، وقد بين الكرماني ذلك عند حديث: «عَنْ أَنَسٍ قَالَ آلَى رَسُولُ اللهِ مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا وَقَعَدَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ فَنَزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ … » (٢).


(١) الكواكب الدراري، ٢/ ٩٤ - ٩٥، وينظر قول الزمخشري في: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، ١/ ٣٢٩.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب: النكاح، باب: قَوْلِ اللهِ تَعَالَى ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾، رقم (٤٨٧٣).

<<  <   >  >>