للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشحذون المصلّين، ولا يدخلون للصلاة معهم، ويقسمون بالله أعظم الأيمان في سؤال الناس المال! (١) كما أقبل الناس على شرب الخمر من كل الطبقتين العليا والدنية، للهروب من واقعهم، وانتشر الزنا، كما أن الفساد المالي والرشوة بلغت أوجها «وصار لا يترقىّ في الدّول إلا من يبذل المال، ولو كان من أوباش السُّوقة لشره الملوك في جمع الأموال» (٢).

ثالثاً الحياة العلميّة:

مع كل هذه الاضطرابات السياسية، وبعض مظاهر الفساد بين الناس، وما رافقها من فتن، وثورات وحروب … إلا أنّ الحركة العلمية كانت على عكس الحالة السياسية والاجتماعية، فكان هناك إقبالٌ من أهل العلم على طلب العلم والتأليف والتصنيف، فامتلأت المساجد بدروس العلم، وصارت المدارس في ازدياد وأُنشئت المكتبات العامة والنتاج العلمي في تلك الحقبة شاهدة على هذا القول.

وقد قالوا في سبب ذلك، عوامل خارجية وداخلية ساعدت على ذلك:

عندما وقعت كثير من البلدان العربية والإسلامية في يد التتار، وكثُر قتل العلماء، وإتلاف كثير من نتاجهم العلمي، وإغراقه في نهر دجلة، بأمر من هولاكو.

عندها لاذ العلماء بسلاطين مصر، ووجدوا عندهم الأمن والأمان، ووجدوا من أنفسهم الواجب في تعويض خسارة الأمة ما أُتلف على أيدي


(١) معيد النعم ومبيد النقم، ص ١١٣.
(٢) النجوم الزاهرة، ابن تغري، ١٤/ ٤٢.

<<  <   >  >>