للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحاكم معلقاً على هذا الحديث: «وفيه دليل على إجازة طلب المرء العلو من الإسناد، وترك الاقتصار على النزول فيه، وإن كان سماعه عن الثقة إذ البدوي لما جاءه رسول رسول الله فأخبره بما فرض الله عليهم لم يقنعه ذلك، حتى رحل بنفسه إلى رسول الله ، وسمع منه ما بلغه الرسول عنه، ولو كان طلب العلو في الإسناد غير مستحب لأنكر عليه المصطفى سؤاله إياه عما أخبره رسوله عنه، ولأمره بالاقتصار على ما أخبره الرسول عنه» (١).

وقد سلك العلماء من بعد الصحابة الكرام ، من التابعين ومن بعدهم هذا المسلك في طلب علو الإسناد، لأنه كلما قل عدد رجال الإسناد قل الخطأ والخلل فيه، وكان من عادة الإمام البخاري ومنهجه في صحيحه الاهتمام بذكر الأحاديث ذات الأسناد العوالي، ومنه ما يُسمى بثلاثيات البخاري.

قال العلماء في تعريف الإسناد العالي: «هو الذي قل عدد رجاله مع الاتصال، وكذا إذا تقدم سماع راويه، أو تقدمت وفاة شيخه» (٢).

ينقسم العلو إلى قسمين أساسيين: «العلو المطلق، والعلو النسبي».

القسم الأول: العلو المطلق: القرب من رسول الله بإسناد صحيح نظيف: وهذا هو العلوُّ المطلق، وهو أجلُّ أقسام العلوِّ، وهذا ما يُطلق عليه اسم: «الثلاثيات» أي ما كان بين المصنف والنبي ثلاث وسائط فقط.

القسم الثاني: العلو النسبي: وهو يتنوع إلى أربعة أقسام هي:

الأول: القرب من إمام من أئمة الحديث، وإن كثر العدد، إلى النبي ،


(١) معرفة علوم الحديث، ص ٥.
(٢) منهج النقد، ص ٣٥٨.

<<  <   >  >>