للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى الحقيقي للفظ، من ذلك: أخرج البخاري في باب: من قعدَ حيث ينتهي بهِ المجلِسُ ومن رأى فرجة في الحلقة: «أنّ رسُولَ اللهِ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ، إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ … «أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللهِ، فَآوَاهُ اللهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا، فَاسْتَحْيَا اللهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ، فَأَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ» (١).

قال الكرماني في قوله: «فآوى إلى الله) واعلم أن الإيواء وهو الإنزال عندك لا يُتصور في حق الله تعالى، وكذلك الاستحياء لأنه تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يغم به، وكذا الإعراض لأنه التفات إلي جهة أخري فهي مجازاة عن لوازمها كإرادة إيصال الخير اللازمة للإيواء وترك العقاب، للاستحياء والإذلال للأعراض ونحو ذلك والقاعدة الكلية في هذه الإطلاقات التي لا يمكن حملها على ظواهرها أن يُراد بها غاياتها ولوازمها.

فإن قلت ما العلاقة بين المعني الحقيقي والمعني المجازي. قلت اللزوم. فإن قلت ما القرينة الصارفة عن إرادة الحقيقة. قلت: العقل إذ لا يتصور عقلا صدورها عن الله تعالى … فإن قلت هذا من أي نوع من المجاز. قلت من باب المشاكلة (٢)» (٣).


(١) أخرجه البخاري، كتاب: العلم، رقم (٦٥).
(٢) المشاكلة: هي من المحسّنات المعنوية وهي ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقا أو تقديرا، (موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، التهانوي،
٢ - / ١٥٤٤.
(٣) الكواكب الدراري، ٢/ ٢٦.

<<  <   >  >>