للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من ذلك في حديث: «عَبْدِاللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ «دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوباً مِنْ مَاءٍ … » (١).

فبيّن الكرماني في قاعدة ارتكاب أخف الضررين في قول النبي دعوه: «وفيه دفع أعظم الضررين (٢) باحتمال أخفهما، وقال العلماء كان قول النبي دعوه لمصلحتين إحداهما: أنه لو قطع عليه بوله لتضرر به، وأصل التنجيس قد حصل فكان احتمال زيادته أولى من إيقاع الضرر به، والثانية أن التّنجيس قد حصل في جزء يسير من المسجد، فلو أقاموه أثناء بوله لتنجست ثيابه وبدنه ومواضع كثيرة في المسجد» (٣).

ومن ذلك قاعدة: (الضرورات تبيح المحظورات) (٤) في استثناء


(١) أخرجه البخاري، كتاب: الوضوء، باب: صب الماء على البول في المسجد، رقم (٢١٩).
(٢) وتوضيح هذه القاعدة: إن الشريعة جاءت لمنع المفاسد، فإذا وقعت المفاسد فيجب دفعها ما أمكن، وإذا تعذر درء الجميع لزم دفع الأكثر فساداً فالأكثر، لأن القصد تعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان، فإذا اضطر إنسان لارتكاب أحد الفعلين الضارين، دون تعيين أحدهما، مع تفاوتهما في الضرر أو المفسدة، لزمه أن يختار أخفهما ضرراً ومفسدة، القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة د. محمد مصطفى الزحيلي، ١/ ٢٢٦.
(٣) الكواكب الدراري، ٣/ ٢١٩.
(٤) ومعنى هذه القاعدة: والضرورة هي بلوغ الحد الذي إذا لم يتناول معه، الممنوع حصل الهلاك للمضطر أو قريب منه، كفقد عضو أو حاسة من الحواس، فهذه هي الضرورة الشرعية ويشترط في هذه القاعدة نقصان المحظورات عن الضرورات، فإن لم ينقص المحظور فلا يباح، القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة د. محمد مصطفى الزحيلي، ١/ ١٧٦، وانظر: شرح القواعد الفقهية أحمد بن الشيخ محمد الزرقا، ص ١٨٥.

<<  <   >  >>